الجزاء من جنس العمل! (قصة الخادمة) - أحمد علي سليمان

مِن جنس فعلك تُجزى والهوى سَببُ
وانظر تصاريف مَن جاؤوا ومَن ذهبوا

مازلت تَبطش بالفتاة في صَلَفٍ
يا ظالماً سَمْته - في عيشهِ - الغضب

حتى أَصبتَ من الفتاة جارحة
لا ماسَ يَعدِلُها - كلا - ولا ذهب

أرسلتَ كفك لم ترحم تغرُّبَها
إن الذليلة مَن تنأى وتغترب

وانهلت ضرباً ، ولم تعبأ بحُرمتها
كأنما فارسٌ مستبسلٌ ضَرِب

كأنها يا عديم الرِّفق جاريةٌ
وللجواري حقوقٌ ، بيننا الكُتب

ما بالكَ اليوم وحشاً تستبد بها
أقل سوءاً ضواري الغاب والدِّبَبُ؟

أغرّك الدمع مِن عينّيْ معذبة
يَهمي ، وعانية ترثي وتنتحب؟

ألم تَرِق لآهاتٍ مسربلة
جادت بها طفلة تأسى وتحتسب؟

ألم يُخفكَ دعاءٌ قد تُصوّبه
نحو السماء ، وقد طالت بها النوب؟

مظلومة تلك تشكو بأس ظالمها
وما الدعاء عن الجبار يُحتجب

ألم يَهزك منها ضعفُ حِيلتها؟
وأين منها - لكي يَصُدَّ عنهاْ - أب؟

ألم يَردّك عنها صمتُ لهجتها
وخاطرٌ مِن لهيب الضرب مضطرب؟

ألم تحِس بأناتٍ تُحَطمها
حتى طواها الجوى والوَجدُ والكُرب؟

لولا افتقار ذويها للنقود لمَا
هوتْ يمينُك - فوق الوجهِ - تلتهب

هي الكريمة ، لكنْ أهلها غلطوا
وبالكرامة يُودي الفقرُ والوَدَب

هي العزيزة ، لكنْ ذلُّها قدرٌ
وللرضا أثرٌ يُرجى ويُطلب

والصبر لا شيء في الطاعات يَعدله
وكل أنواعه للمبتلى قُرَب

والظالم الدهر مرهونٌ بما اجترحتْ
نفسٌ - حقوقَ الورى بالجبر - تَغتصب

مهما تَمتَّع بالإمهال يَصرفُه
عن الرجوع فللإمهال مُنقلب

وسُنة الله - في الإنسان - ماضيةٌ
والدهرُ حالان: حزنٌ بعده طَرب

إن الجزاء بفعل العبد مُتصلٌ
وبين كلِّ بدا لمن يعي سبب

فازرعْ جميلاً تجدْ بُشرى عواقبه
فلن يُمِدك بالزقومة العنب

© 2024 - موقع الشعر