عهدي أولى من ثأري - أحمد علي سليمان

ألا فارتحلْ ، إني جريحٌ مُحطمُ
وأنت - بسِر ابني المضّرج - أعلمُ

فضمَّد جراحاً أحرقتني بنارها
وأضحى فؤادي – باللظى - يتزقم

قتلت ، وإن القتلَ أعتى جَريمةٍ
وأنت - بهذا القتل - واللهِ مُجرم

وجئت تريد العهد مِن والدٍ ثوى
ألا إنما الباغي أضلُ وأظلم

وذي جُرأة لم يَعهدِ الناسُ مثلها
وعُقبى الذي يُردي النفوسَ جهنم

وأعطيتك العهد الذي ما نقضته
وذكرى الذي أرديته بله علقم

وصُنتُ جٍواري ، والمهيمنُ شاهدٌ
وأجرُ مليك الناس أغلى وأكرم

وأهدرتُ ثأري قانعاً غير ساخطٍ
وبتّ بأنات الجوى أتضرّم

تُسربلني الأشواقُ ، والحزنُ لاعجٌ
فآسى لمَا ألقى ، وأبكى وأندم

وأكظمُ غيظي في ابتلاءٍ يرجّني
ودمعي على خدي ، تعزى به الدم

وأدفع عن نفسي الهواجس أضرمت
ويلهجُ باسترجاع مَرثيتي الفم

ويكوي شغافَ القلب سُؤلٌ مُحيرٌ
لماذا تخطى عقدة الثأر ضيغم؟

أهان ابنه حتى يُوارَى مُجندلاً؟
أم الجرحُ إذ مات الفتى ليس يُؤلم؟

ألا كل هذا قائمٌ ، بل وضِعفه
وعيشُ أبيه اليوم ضنكٌ وحُلكم

ولكنّ إمضاء العهود أمانة
وليس الذي يُوفي كمن يتبرم

© 2024 - موقع الشعر