عزيز النفس - أحمد علي سليمان

.«عَزِيزُ النَّفْسِ» ديوانُ الجِرَاحْ
تُحَطِّمُ سعدَهُ الحَرْبُ الرَّداحْ

أُصَوِّرُ فيهِ مَأسَاةً طَغَتْ
يُعَكِّر شَرُّهَا المَاءَ القَرَاح

وهَمٌّ فَوْقَ هَمٍّ يبْتَلِي
هُمُومٌ تلكَ عَاتِيَةٌ قِبَاح

وآهَاتٌ تُزَمْجِرُ في النُّهَى
وتُمْعِنُ فِي التَّأَوهِ والصِّيَاح

وظَنٌّ فَوْقَ ظَنٍّ يَرْتَوِي
ظُنونٌ تلك دامِيَةٌ فِسَاح

ونَفْسٌ في ذُرى العَلْيَا سَمَتْ
وقلبٌ تَحْتَ مَلْهَبَةِ الرِّمَاح

«عَزِيزُ النَّفْسِ» يبكي عينَهُ
ويَسْألُ: أينَ أنوارُ الصَّبَاح؟

وفِي عَيْنَيهِ سُؤْلٌ يَشْتَكِي
أيَحْيَا الطَّيرُ مكسُورَ الجَنَاح؟

نَصِيبٌ مَا جَرَى ، يَا صَاحبي
فلا تُكْثرْ مُعَاودةَ النُّوَاحْ

وأَقْدارٌ بِأَمْرِ مَلِيكنَا
فآمِنْ ، إنَّمَا التقوَى السِّلاح

وإنَّ الجُرْحَ دامٍ ، والمُنَى
وكمْ أودتْ بمكروبٍ جِرَاح

وكَمْ للمَرْء ، كمْ ، مِنْ زَلَّةٍ
وكمْ غطَّى مَسَاوِيهَا وِشَاح

وكَمْ أَمَلٍ بأيَام الفَتَى
هَشِيمًا صَارَ تَذْرُوهُ الرِّيَاح

«عَزِيزُ النَّفْسِ» هذا شِعْرُهُ
يناغي في بياديه الرَّواح

ويَرْثِي مُقْلَةً بدمائهِ
يَمُجُّ الدمع فِي القَلَمِ المُتَاح

ويَجْأَرُ ، والقُيودُ بعينِهِ
تُعَرْقِلُهَا عنِ النَّظَرِ الصُّرَاح

مَرَار لَيْلُهُ ونَهَارُه
ويَسْألُ: أينَ ولَّى الارتِيَاح؟

إِبَاءٌ فِي هجير مَذلَّةٍ
وذلُّ الرُّوح يُزْري بِالفَلاح

وكَرْبُ النَّفْس يَقتُلُ بَسْمَتي
وتَعْصِف دمعتي ظِلَّ المَرَاح

«عَزِيزُ النَّفْسِ» ، والألمُ انتهى
وخَلَّفَ جوقَةً تَهْوَى النُّبَاح

وتَذْبَحُ فِي الظَّلام قصَائدي
وتَقْتلُ فرحة الغِيدِ المِلاح

أَلا ، والغِيدُ تِلْكَ مَشَاعِري
وقدْ أَودعتُها أملَ الكِفَاح

وطَرَّزْتُ القَريضَ بحُرقتي
وإنَّ الحِبْرَ فِيها مُسْتَبَاح

وإنْ كَسْرٌ بَدا بقصيدةٍ
طَرَحْتُ الكَسْرَ أَرْضًا ، والكُسَاح

وداعبْتُ المَعَاني بالصَّدَى
فحَلَّقَ فِي الغُدوِّ وفِي الرَّواحْ

وأَعْطَيْتُ الخَليلَ عَرائِسي
فبالغَ في الثناءِ والامْتِدَاح

ولَم أَلْقَ الأذى مِنْ فكرتي
ولكِن كانَ فِيها المُسْتَرَاح

«عزيزُ النَّفْس» ديواني الذي
بَذرْتُ الجِدَّ فيهِ ، فَلا مِزَاح

وجَادلْتُ اليَرَاعَ ، فهالني
فهلْ في شَرْعِهِ البَلْوَى تُبَاح؟

يَرَاعُ الشِّعْر ينْبوعُ الهَوى
وتَنُّورُ الحَواضِر والبِطَاح

أداةٌ في يَدِي تُصْلِي الجَوَى
وحَرْبَةُ فارسٍ لمَّا تُتَاح

أُعَزِّي العَيْنَ ، فِي دَم كَرْبهَا
وأختارُ الكُليماتِ الصِّحَاح

على أَنِّي مُحِبٌّ ، ليْس لي
سِواهَا ، هلْ على قلَمِي جُنَاح؟

«عزيزُ النَّفْس» ديوانٌ حَوَى
شُعُوري ، والدِّمَاءُ بِهِ سِفَاح

وقد حَبَّرْتُهُ بدُجَى العَنَا
وأشهرْتُ السُّيُوفَ ، كذا الرِّمَاح

وَبَارزْتُ القَريضَ ، وصُغْتُهُ
فلمْ يَسْطِع لذا كَبْحَ الجِمَاح

أَلا ، وبكُلِّ بحْرٍ صُغْتُهُ
وقد ألهبْتُ «مُخْتَارَ الصِّحَاح»

وإنْ وَجَدَ الأنامُ به خَطَا
أناشدُهُم لأشعَاري السَّمَاح

ومِنْ نَفْسِي المَزالِقُ والهَوَى
ومِن ربي السَّدَادُ والانْشِرَاح

«عَزِيزُ النَّفْسِ» بالمَوْلى اهْتَدى
وبالأسْرارِ في الأشعارِ بَاح

© 2024 - موقع الشعر