عزاء من القلب - أحمد علي سليمان

أعزيك في الغادة النائية
إذ استقبلتْ ضربة قاضية

وباتت تعاني أنينَ الجوى
وتوغلُ في المِحنة الجاسية

وتشفعُ بالدمع آهاتها
فيا للمحطّمة الباكية

ويلفحُها - في المصاب - الأسى
بنار المكابدة الحامية

عروسٌ نأى الإلفُ عن دارها
وخلّفها - في الورى - سالية

تُجرعُها الذكرياتُ اللظى
بلوعتها المُرّة القاسية

وتفتأ تذكرُ محبوبها
بطلعته الغضة الضاوية

وتسلبُ أطيافه لبَها
وتُفقدُها الحيرة العافية

ويطعنها الوجدُ في قلبها
فتسكنُ ملتاعة ساجية

فهلا رحمت عذاباتِها
وأناتِ صدمتها الثاوية؟

فعدت لتطفئ نارَ النوى
وتعذرُ غادتك النائية

وتخمدُ شوقاً عليها اعتدى
فأودى بهمّتها العالية

حنانيك أدّ الحقوقَ التي
أتتك بها الشِرعةُ الهادية

ولا تكُ - في الأمر - مُستنكفاً
عن المِلة السمحة السامية

وراجعْ ضميرَك في شأن مَن
تزوّجتها بَرّة راضية

فأحسنْ ، ولا تتَّبعْ من غوى
ودعك مِن الصحبة الغاوية

وأخلصْ لصاحبة أخلصتْ
ولا تُلقها اليوم في الهاوية

ألست ترى الناس في فتنةٍ
تبدت أضاليلها الضارية؟

ففي (النت) و(الدش) أسّ البلا
ألا إنها فتنة عاتية

وهل تجهلُ الآن ما أحدثتْ؟
وربك ذي سُنة جارية

إذا لم نعظّمْ هُدى ربنا
ونُصغ بآذاننا الواعية

إلى أمره ، ثم نعملْ به
ونقصدْ بأعمالنا الباقية

فسوف نعاني صنوف الردى
ونهلك في هذه الفانية

ونندمُ أنا لفظنا الهُدى
وسرنا كما الثور في الساقية

ألم تكُ تأمرُنا بالتقى
كما يفعلُ الناصح الداعية؟

وكنت تندد مستنكراً
وتنذرُ كالضبع العاوية

ألا إنك اليوم أولى بما
وعظت به الأنفسَ الغاوية

هداديكَ ، وارأفْ بزوج رثتْ
لحال إلى المنتهى ماضية

وإني أعزيك مسترشداً
بما جاء في السنة الغالية

أحوقلُ - بالدمع - مسترجعاً
وكفَّي على أختها الثانية

وانقشُ - بالشِعر - مَرثيتي
أذكّرُك الله والغاشية

فإن أثمر الوعظ هذا الرجا
وتلك هي المُنية الحانية

وإن أخفق النصحُ ما ضرّني
فما لفتتي قط بالخاوية

© 2024 - موقع الشعر