عزاء لامرأة وحيدة - سعاد الكواري

المرأةُ الفاتحةُ بيتها للريحِ
تُعدُّ الآن وليمةً كبرى
عند باب مقبرة أثرية
توزعُ أقراصَ الخبز على المارة
فتخرجُ أشباحُها كخيول تسابقُ غيمةً
المرأةُ الزئبقيةُ تعرفُ كيف تروضُ الزهورَ البرّيةَ
وتحنطُ الطيورَ بعينين متعبتين
أراها تربضُ عند النافذة ولا تراني
اسمعُها ولا تسمعني
***
لتكن الريحُ أولَ المسافرين ، لن أسابقها
لتكن الليلةُ آخرَ ليلةٍ تذوبُ على جسدي
أو تتلاشى بهدوءٍ
سأمسحُ على وجهي بكفٍّ باردةٍ
وسأتابعُ حركاتِها البطيئةَ
امرأةٌ من الزئبقِ ملتصقةٌ بمرآتي
أراها ولا تراني ، أسمعها ولا تسمعني
***
وراءَ الباب عائلةٌ من القطط
بحنانٍ فتحتُ البابَ ، فهربتِ القططُ
هذا قميصي ، فردةُ حذائي ، مشطي ، ساعتي الرمليةُ
علبةُ اكسسواراتي ، أقلامي الجائعةُ .. ماذا أيضا ..؟؟
كيف انتقلت أشيائي إلى هنا ..؟؟
أسألُ الفراغَ الممتدَّ بيننا
وأهمسُ لها لكنها لا تسمعني
أحزمُ ظِلالَ الغيومِ وأعلقها على الجدرانِ
 
 
أحاولُ أن اكشفَ لغزاً كنت أتبعهُ على الدوامٍ
أحاولُ أن اكشفَ لغزَها فاكتشفتُ ظلِّي
وظلالا أخرى لا أعرفها
***
اليومَ رأيتُها
كانت تقذفُ الكواكبَ بسهمٍ معدني
وتتمتمُ بكلماتٍ لم أفهمها
لكنني لم أر أمامها ذلك الطابورَ
الذي كان يمتدَّدُ من أولِ الشارعِ إلى آخرهِ
رأيتها وحيدةً تكنسُ عظامَ القططِ
رأيتها تنتحبُ من بعيدٍ
ولم أر وجهي المعلقَ بيننا
رأيتُ فقط عظامَ قططٍ مهشمةً
وآثارَ أقدامٍ مبتعدةٍ
© 2024 - موقع الشعر