عرقوب الغربة - أحمد علي سليمان

يميناً ستمطر هذي السحبْ
بإذن الإله ، فلا تنتحبْ

تصَبَّرْ تنلْ كل ما تشتهي
وأحسن تنل كل ما ترتقب

وإما وجدت الفؤاد انزوى
فدع للورى دارهم ، واغترب

سيطوي اغترابُك كل العنا
ويُبدِلك الله ما قد كتب

رفاقاً ، وفكراً ، وعطرَ الهدى
فغامر بقلبك ، لا تنسحب

فإن اغتراب الفتى آية
على عزمه الثابت المحتسب

وكل غريب له عزمة
تدل على الأمل الملتهب

وكل طريدٍ له همة
تجَلي عن النفس كل النصب

وطالت على حُرقتي غربتي
وأثّر في القلب قيحُ اللهب

عجوزٌ عقيمٌ أيا غربتي
يزمجر - في وَجنتيك - العطب

وشاخ الفؤادُ على خيبةٍ
وهذا أريجُ الحياة ذهب

غزاكِ المشيبُ على غفلةٍ
وباتت عظامُك مثلَ الحطب

وضاع الشبابُ ، وضاع الهوى
ولن ينفع اليوم ذكرُ النسب

عجوزٌ تمرق منها النهى
وتهزل في الدرب ، يا للعجب

عجوز تقوَّس عُرقوبُها
وعشعش في ساعديها الحَدَب

تصيح بوجه الصغير الذي
يمازح أيامه باللعب

وتقضي على الأمنيات التي
تشجِّع في النفس حب الأدب

ستطوي العجوزَ رحى عزمتي
لنا النصر ، ليس لهذي غلب

ويوماً يعود الشبابُ الذي
تباعد في السير خلف الحُجُب

وينقشع الغيم من جوِّنا
ويوماً ستمطر هذي السحب

لنا اللهُ ، ليس لنا غيرهُ
وإنا رضينا بما قد كتب

© 2024 - موقع الشعر