عجَلة الشعراء - أحمد علي سليمان

تعجلتَ حتى هيمنتْ مِحنة عُظمى
ومَن عاب ما استشعرتَ أوسعته ذمّا

وأخرجتَ للدنيا عزيفاً مُنغماً
وتحسبه شعراً ، وتنظِمُه نظما

أأتقنتَ فن الشعر حتى تصوغه
وتصبحَ يوماً - بين أعلامه - نجما؟

أكابدت في التعليم ، حتى تجيده؟
ألا إن شعر العُرْب مدرسة عظمى

قد انتظمتْ شتى العلوم ، وما اكتفتْ
وسائلْ - عن الشعر - المَضامينَ والأسما

فكم من بحور الشعر تدري حقيقة؟
وكم من أصول الفهم تفهمها فهما؟

وكم من قوافي الشعر تدركُ أصلها؟
وكم في مرامي الشعر تعرف من مرمى؟

وكم مرجعاً في النحو ذاكرت جاهداً
لترجم أخطاءً - تمارسها - رجما؟

وكم مرةٍ - في الصرف - نقبت تنتوى
إقامة مُعْوجٍّ تُزيلُ بها وهما؟

وكم يا ترى من شعر من ودّعوا تعي؟
وحفظ تراثِ الغير يستغرقُ العزما

وكم يا ترى حجمُ التجارب تشتهي؟
وإني أراها صفقة تجلب الغنما

وهل كاتبٌ مَن لا تجاريبَ عنده
تهادى بها بين الدغاول والنعمى؟

وهل شاعرٌ من لم يُطالعْ قصائداً
لمن عاصروا أو ودّعوا كي يرى الأسمى؟

رصيد الألى ماتوا تراثٌ ومَغنمٌ
وما صاغه الأحياءُ يزدردُ الغمى

وهذي هي الساحات ملآى بجوقةٍ
كتابتهم مَسخ ، وأحسبهم عُجْما

تعجل أقوامٌ ، فلم يتأمّلوا
وأبصرتُ ممن خالفوا نهجهم قوما

تغنوْا بشِعر العُرْب قلباً وقالباً
وحاكوه ما حادوا ، ولا ابتدعوا رسما

وهم قلة في الناس قلة شِعرهم
ويغبطهم دوماً - على الجَوْدة - الدَهما

ألا ليت أهل الشعر يحذون حذوهم
لأن سجايا الناس - من شعرهم - كلمى

فيا رب حقق أمنياتي ومأملي
لأني أرى هذا الذي أرتجي حُلْما

© 2024 - موقع الشعر