عتاب وشكوى - أحمد علي سليمان

عِتابي العذبُ أبذله احتسابا
وأرجو أن أنال - به - الثوابا

وأجعله قريضاً مُستساغاً
مِن الأرواح يقتربُ اقترابا

وأرفعُه إلى أسمى مَقامٍ
مِن التقوى ليُصبحَ مُستطابا

وأكتبُه بألفاظٍ تحلتْ
بأخلاق الذي يهوَى الصوابا

وأثبتُ ما أراه بدون زيغ
وأنتخبُ المناظرة انتخابا

وأعتبُ في إخاءٍ لا يُبارَى
وأصبغ - بالمُداعبة - العِتابا

وفي ثقةٍ ألومُ ، ولا أحابي
فما فاز امرؤٌ - في الحق - حابى

وأرسلُ بالقرائن واضحاتٍ
لأقنعَ مَن لِمَا أدعو استجابا

وأبعثُ - بالأدلة - في كتابي
ليقرأ - مَن أعاتبُه - الكِتابا

وشهرُ (ربيع الثاني) سيأتي
لأنشر فيه شعراً مُستطابا

لأمنحَ ضادنا (السمحاءَ) فخراً
كمثل النور ينسابُ انسيابا

وتشهدُه الجرائدُ في دياري
فذي - للضاد - تنتسبُ انتسابا

وللمُدَراء فخرٌ بانتصاري
ومِن كُتابنا أرجو الجوابا

فإن أكُ مُخطئاً فليخبروني
وأيضاً إن أكُن قلتُ الصوابا

ولي عُذري ، إذا أخطأتُ قطعاً
وأرجو الله - مِن ذنبي - المتابا

وما أنا بالذي أرجو ظهوراً
ولستُ - بعُجْب مَن عجبوا - مُصابا

ولكني اجتهدتُ ، وقلتُ قَوْلي
ولمْ أرْتَبْ - بما قلتُ - ارتيابا

وأحتملُ الرجوعَ لكل سِفر
وأفتحُ - للجدال السمح - بابا

وأدرسُ ليس يُعضلني اجتهادي
فما احتقرَ التصبرَ مَن أصابا

وألقي حُجة مُلئتْ يقيناً
وأكشفُ - عن حقائقها - النقابا

أعاتبُ ، لا أجرّحُ ، أو أهاجي
فما أنا بالذي أهوى السبابا

وأعتبُ ، لا أشهّرُ مُستبيحاً
حقوقَ الغير ظلماً واغتصابا

وأذكرُ ما تبينَ لي عِياناً
وأطرحُ ما وجدتُ به ارتيابا

وأرحمُ مَن أناظرُه ، وأغضِي
عن الزلات باح بها ، وعابا

وأحلم لا أسَفه دون حق
ولا تحوي مناقشتي حِرابا

وأعطي فرصة مِن بعد أخرى
ولا أزجي التشفيَ والعِقابا

ولستُ مُبيتاً سوءَ النوايا
بمَن كال المَسبة والعذابا

لعل وشاية أو سوء فهم
بها اضطرب الفتى الفذ اضطرابا

ضحية كل مَن لعبوا فصادوا
بصيرته ، فقد أمِن الصِحابا

ولستُ مُعاتباً إلا حيياً
إذ لاح الهُدى والحق آبا

وأيقنَ أنه قد جاء ظلماً
لذلك آثرَ الفذ المَتابا

أعاتبُ مَن سيُرجعه عِتابي
وعند الله يَحتسب احتسابا

وما جدوى الحساب إذا تناسى
قيامته الوشيكة والحسابا؟

وأشكو - للمهيمن - ما أعاني
إذا ناصحتُ شِيباً أو شبابا

فتمنعُهم ذنوبي أن يقولوا
أطعنا ، فيمَ تنتحبُ انتحابا؟

ولو أني أطيعُ الله حقاً
لمَا اغتربتْ مُناصحتي اغترابا

وأنقشُ - بالقريض - جميلَ وَعظي
وأرتصدُ اليواقيت العِذابا

وديواني الدليلُ على كلامي
أصوّرُ فيه - بالشعر - المُصابا

وآهاتي تصوّرُ ما أقاسي
وكم واجهتُ في العيش الصِعابا

وآمالي العظيمة نصبَ عينى
وغيري قد يُحولها سَرابا

وأمعِنُ - في التشبث - بالأمانى
وإن سكنتْ بأوزاري السحابا

وعن (ضادي) أذودُ بكل بأس
لأجعل مَجدَها عجباً عُجابا

يَمينَ الله لم أبخلْ بجهدٍ
وقد أمسى التثبّت لي ركابا

وعاتبت (ابن موسى) باحترام
وقدمتُ الدعاء المستجابا

بظهر الغيب مشفوعاً بدَمع
وقلبي - من ظريف اللوم - ذابا

تعقبني (ابنُ موسى) دون حق
وأفرط - في معاقبتي - غِلابا

على الألفاظ ما أخطاتُ فيها
وما جاوزتُ - في نقدي - النصابا

وسجلتُ الدليلَ على كلامي
وما احتربتْ مناقشتي احترابا

ولم أذنبْ ليسلبني ابنُ موسى
ثناءً منه في (التعقيب) غابا

ألا إني شكرتُ لك اجتهاداً
عليّ اليومَ ينقلبُ انقلابا

وأيمُ الله كنتُ أردتُ خيراً
ولم أشْهرْ حُساماً أو قرابا

وللأدباء قدرٌ في فؤادي
لعِلم فاضَ آدابا ، وطابا

وما وقرتُ مثلَ ذوي علوم
وأدفعُ إن شهدتُ لهم غِيابا

سواءً منهمُ مَن كان حياً
أوقرُه ، ومَن أمسى ترابا

فراجعْ ما تُردّدُ يا ابن موسى
ولا توسِعْ مُساجلتي اقتضابا

ألا إن الخلاف على ثلاثٍ
مِن الكلمات ندرسُها احتسابا

وحقُ إخوتي يا خل أولى
مِن الفصحى ، إذا اشتكتِ الضبابا

فلو عاملتني ببُعيْض رفق
كما عاملتَ مَن لبستْ حِجابا

وقمت بالاعتذار لها وفاءً
ودمعُ العين ما انقضب انقضابا

وسطرت المقالة ، لم تسوّفْ
ودونت التعابير الرطابا

أراني قد عتبتُ مَرير عُتب
وفي التوبيخ أوغلتُ الذهابا

وأوغرتُ الصدور بوجد شكوى
بشأن القِشر أحسبُه لبابا

تقبّلْ يا (ابن موسى) العذرَ مني
فإن القلبَ يكتئبُ اكتئابا

وسامحْ إن لقيت جفاء لفظٍ
ألا واقبلْ قوافيّ الغِضابا

وأنت بما كتبتُ وقلتُ أدرَى
وقد ذِعتُ الشكايا والعِتابا

لأعْذِر للمهيمن في انكسارٍ
وإن الله مولى مَن أنابا

© 2024 - موقع الشعر