سلطان العلماء لا عالم السلاطين! - أحمد علي سليمان

سلطانُ مَن ملكوا دُوراً وأوطانا
تُبقي وتَخلعُ ، ترجو الحُر سلطانا

وتجعلُ العِتق شرطاً في ولايتهم
وتعلنُ الأمرَ - بين الناس - إعلانا

وتستهينُ بما حازوا وما جمعوا
بل زادَك الزجرُ والتهديدُ إيمانا

وتصْدِرُ الحكمَ فتوى في البلاد سرتْ
وناوأتْ - في القصور - الشمّ عُبدانا

وللمماليك - في الأمصار - سلطنة
وإن مِن خلفهم جنداً وأعوانا

وهم أساطينُ - في الهيجاء - تحسبُهم
إن أثخنوا - في القنا - أسْداً وعُقبانا

خاضوا الحروب ، وفي آفاقها ركضوا
والنصرُ كان لهم - في البأس - برهانا

وتشهدُ الدارُ والتاريخ أن لهم
رُشداً ورأياً وتفكيراً ورُجْحانا

ولكنِ (العِز) لم يعبأ بصَولتهم
فقيل: يا عِز ساد الحالُ أزمانا

وأصبحتْ - للعبيد - اليوم شوكتهم
فانصِبْ لقولك قسطاساً وميزانا

نخشى عليك قراراً ظالماً عَجِلاً
به تفارقُ أحباباً وأوطانا

نخشى عليك سيوفَ القوم مُشهرة
تقطرُ الثأرَ أحقاداً وأضغانا

نخشى عليك عيوناً لست تبصرُهم
يُخاتلون الورى ظلماً وعدوانا

نخشى عليك سِهاماً خاب حاملها
وإن رُمِيت بها أشمَتّ مَن خانا

نخشى عليك عميلاً عاش مرتزقاً
يُوشي ليغريْ بأهل الخير طغيانا

و(العز) لم ينتصتْ حِيناً لمَا ذكَروا
لأنه جعل الإصرارَ فرقانا

وجاءتِ الجُند والظلماء تسترُهم
وأمعنوا - في الأذى والمكر - إمعانا

وأضمروا قتله بسيف قائدهم
وما استطاعوا لمَا أملاه عِصيانا

والكل جاء لدار (العز) مُمْتشقاً
سيفاً يُجامل أهواءً وبُهتانا

وأوسعوا الباب قرعاً ، بعضُه فزعٌ
حتى أصمّوا - لهول القرع - آذانا

فقام (الابنُ) لهم بغير مَجبنةٍ
فقد غدا وأبوه (العِز) صِنوانا

حتى إذا وجد الأسيافَ لامعة
والموتَ ينسجُ للمِغوار أكفانا

تقدّم (العز) مُعتزاً بخالقه
وقال: مرحى بأهل الحُكم ضِيفانا

وقال الابن: أبي دعني لهم ثمناً
واذهبْ وخل الفتى - للبطش - قربانا

هم قاتِلوك ، فكن منهم على حذر
إني أراهم - ورب الناس - ذؤبانا

فقاطعَ (العز) في عِز وفي رَشَدٍ
حتى يزيدَ مَناط الحكم تِبيانا

أبوك أهونُ عند الله يا ولدي
مِن أن يكون شهيداً حتفه حانا

فإذ (بأيبكَ) يُلقي سيفه جزعاً
ويسألُ الشيخ - وسط الجندِ - غفرانا

فأطرقوا ، ودموع العين ساجمة
حتى نسوْا ما انتوَوْا في التو نسيانا

وأقبلوا يسألون (العز) أسئلة
عن بيعهم والذي يحوز أثمانا

فأوضح (العز) ما ساقوه مِن شُبَهٍ
وراح يتلو - على الأضياف - قرآنا

وساق مِن سُنة العدنان حُجته
فأيقن الجمعُ - بالأحكام - إيقانا

وباعهم في مزادٍ بيعَ مالكِهم
بأنفس المال ، ليس الأمرُ مَجّانا

إذ لا يبيعُ عبيداً هانَ سؤدَدُهم
بل كل عبدٌ بنى - في الدار - ديوانا

وما ارتضى النقص في أسعارهم أبداً
وكيف يرضى - لبيت المال - خسرانا؟

حتى إذا باعهم ، صحّتْ وَلايتهم
وأصبحوا سادة فيها وأعيانا

وجاهدوا - في سبيل الله - مَن كفروا
وأحسنوا - لعباد الله - إحسانا

وبالحديث وآي الذكر قد علموا
ولم يخرّوا - على الآيات - عُميانا

والعز آزرهم في خير ما قصدوا
وعاش كلٌ - على الإسلام - معوانا

سلطانُ قادتِهم ، وليس مرتزقاً
يرجو - على العِلم - أموالاً وأطيانا

© 2024 - موقع الشعر