خياران أحلاهما مُر - أحمد علي سليمان

حِرتُ بين الخيور والأرزاءِ
وافتديتُ الهلاكَ بالنعماءِ

قيل: قارنْ ، واعقلْ ، وسددْ ، وقاربْ
وافتكرْ ، وادرسْ ، فاشتريتُ شقائي

وابتنيتُ الأحلام دون اكتراثٍ
والسرابُ يودي بعين الرائي

وارتجلتُ الأفكار دون ترو
كارتجال الأغرار والسفهاء

واتخذتُ القرار دون ادّكار
فاحتوتْني عواقبُ الأرزاء

والخياراتُ أسلمتْني لظني
والظنونُ تغتال جُل الذكاء

والصحاب لمّا يراعوا شعوري
فانزويتُ بين القِلى والجفاء

آثروا الدنيا في سقيم اختيار
واستهانوا بالشِرعة الغرّاء

نظروا للدينار يُغري نفوساً
ويُمَني القلوبَ بالعلياء

ثم يُضفي على الخزايا جلالاً
وعلى الحمقى هيبة الكبرياء

وعلى العادين سِحنة عز
وعلى النوكى شِيمة الحكماء

حِرتُ بين الأصحاب هذا لبيبٌ
عالِمٌ بالحياة والأحياء

وغبيٌ في الطيش ليس يُبارى
غارقٌ في الزلات والأهواء

كم أتاني الجميعُ كي ينصحوا لي
قلتُ: مرحى بالسادة النصحاء

فإذا بي أرى النصيحة هزلاً
يُورثُ القلب لعنة الأرزاء

أصبرُ اليومَ أتقي سوء يوم
ليس فيه للمعتدي من فداء

طاعة المولى يا رفاقيَ أولى
لا تُطيلوا منظومة الإغراء

لن أبيع الأخرى بدنيا بتاتاً
مثلما يرجو جَحفلُ الأعداء

وعلى ما قلتُ المليكُ شهيدٌ
فتقبّلْ يا رب مني مَضائي

ذاك جهدي ، وأنت أدرى بحالي
وعليك التكلانُ ، فاقبلْ دعائي

© 2024 - موقع الشعر