حقناً للدماء! (قصة هبيرة مع ملك الصين) - أحمد علي سليمان

مَن ذا يُضارعُكم عزاً وتدبيرا؟
أمّن يُطاولكم جاهاً وتوقيرا؟

أمَن يواجهكم في أي خندمةٍ؟
أمّن يباري مياميناً مغاويرا؟

أمّن يُحاكي الذي تحْمُون من مُثُل
تُحرّرُ المرء - مِن دنياهُ - تحريرا؟

هذي مبادئكم تختالُ مُعلنة
أن التقى يجعلُ الإنسانَ مسرورا

كم شدتمُ المجد في الأصقاع مَقصدكم
أن تنشروا الحق والأخلاق والنورا

وكم فتحتم بلاداً بطشُ حاكِمِها
بالناس أودى بها ، ووطدَ الجُورا

وكم أمرتم بمعروفٍ ومَعدلةٍ
تُبصّرون الورى - بالحق – تبصيرا

وكم نهيتم بلا خوفٍ ولا وجل
عن منكر يُهلك الآنامَ والدورا

وكم دعوتم إلى الخير الألى انحرفوا
فأصبح الشر - بين الناس – مدحورا

وكم أزلتم قوىً تُغري بباطلها
حتى تُقيم الخنا والظلم والزورا

وتقهر الناس قهراً لا حدود له
وتسترقّ بما تأتي الجماهيرا

فجاء جحفلكم يطوي تجبّرهم
فحرّر الناسَ - كل الناس - تحريرا

مَن شاء آمن - بالرحمن - متبعاً
هديَ الرسول ، وبات السعيُ مشكورا

ومَن يشأ مُكثهُ - في الكفر - مُنجدلاً
فليبق في الكفر ، بات الأمرُ تخييرا

لا يُكرِهُ السلم عبداً ليس يرغبُه
كلا ، ولا يُوسِعُ الأنامَ تعسيرا

وكم أبنتم سبيل الحق واضحة
وفي الديار أقمتم مبدأ الشورى

فما افتريتم على رب السما كذباً
ولم تذيعوا - على القوم - الأساطيرا

لكم مطامحُ في الجنات موئلها
تؤمّلون بها النعيمَ والحُورا

فلا مطامح في الدنيا تسيّرُكم
ولا تعبّدكم (لبنى) ولا نورا

لكنّ حُب مليك الناس يأسرُكم
حتى يُسَيّركم - للخير - تسييرا

وللتقى أثرٌ في كل منطلق
إذ عُمّرتْ مُهجٌ - بالخير - تعميرا

إني لأكْبرُكم بلا مجاملةٍ
وأكْبرُ المجدَ - في التاريخ - مذخورا

وأكْبرُ الصيت عن علم وتجربةٍ
وإن للصِيد - في الدنيا - مقاديرا

وأستشفُ - من الأحداث - عن ثقةٍ
ولا أزوّرُ - في التاريخ - تزويرا

ولا أزيدُ على نقل بدون هوى
ولا أغيّرُ ما ألقاه تغييرا

المسلمون وربي أهلُ مَعدلةٍ
وبالعدالة يُمسي الظلمُ مَوتورا

وأهلُ عِلم وآداب ومعرفةٍ
والعلمُ يرفعُ أهليه النحاريرا

وأهلُ تقوى وإيمان ومَرحمةٍ
وكم لمسنا - لعطف القوم - تأثيرا

فيا (قتيبة) أحسنْ كي نطاوعَكم
ويسِّر الأمرَ يا مِقدامُ تيسييرا

ولا تكن عَجِلاً في الأمر تنشرُه
ما أمّروك - لقهر الناس - تأميرا

يا (باهليّ) تقبّلْ عُذر مَن حرصوا
على حياةٍ تزيدُ المرءَ تتبيرا

أرسلتُ تربة أرضي كي تسير على
أديمها مستريحَ النفس مقرورا

حتى تبَرّ بما أقسمت مُحتسباً
- على المهيمن - أجرَ البر موفورا

فعلتُ ذلك حقناً للدماء غداً
كيلا أرى مَيّتاً - بالسيف - معقورا

وأتقى - بالذي أتيتُ - خندمة
والعاقلُ الفذ مَن يخشى المَحاذيرا

هذا (هبيرة) ، والأبطالُ تصحبُه
ساقوا إلينا - بما قالوا - التباشيرا

وبصّروني بشيء كنتُ أجهله
وبيّنوا لي الذي قد كان مَستورا

مِن أن أهل الهُدى خيرٌ معاملة
ولستُ أطلِق هذا الوصفَ تغريرا

لكنْ حقائقُ - في تاريخنا - سُطِرتْ
وقومُنا سطروا التاريخ تسطيرا

© 2024 - موقع الشعر