حفصة بنت سيرين - أحمد علي سليمان

يا شعرُ عُدْ بي إلى مرابع العُصُمِ
واشحذ عزائمنا بطيّب السِيَمِ

نعم الديارُ بها من كل رائدةٍ
في العلم والفقه والأخلاق والقيم

نعم الديارُ زكتْ ، وطاب سُؤدَدُها
أنعم بجيل بحبل الله معتصم

نعم الرعيّة ، والإسلام يحرسُها
مِن كيد جمع سقيم الفهم منهزم

نعم النساءُ هداهن المليكُ إلى
درب الرشاد ونور المنهج اللقم

كم فيه من فذةٍ عمّت فواضلها
لما دعتْ للهُدى بخيره التمم

وكم حوتْ كتبُ التاريخ من خبر
عن فضلياتٍ لنا في كل مصطدم

عن الأديبات سَلْ في كل باديةٍ
وفي الحواضر سلْ عن كُمّل عُصُم

يا (بنت سيرين) حُزتِ المجدَ أجمعَه
وصرتِ بالعلم فضلى في ذرى القِمم

درّستِ غيرك دينَ الله عن رغب
وذاع صِيتكِ في الأعراب والعجم

وفي الفتاوى بذلتِ العلم في ملأ
فكنتِ كالنجم ، أجلى حالكَ الظلَم

وكنتِ في الجود بالتعليم مدرسة
تهدي وتشرحُ شرحاً بالغ العِظم

وعشتِ ما عشتِ في عِز وفي شَرفٍ
واللهُ خصّكِ بالأخلاق والشيم

وقمتِ ليلكِ ، والقرآنُ يصحبُه
بدمع قانتةٍ – في الليل - منسجم

وكم تصدّقتِ بالأموال في ثقةٍ
وأنت أهلُ العطا والجود والكرم

وكم بذلتِ خيوراً لا أعدّدها
إذ ليس يقوى على تصويرها قلمي

وكم حملتِ على الطاعات من غفلوا
وطاعة الله أسّ الخير والرُحُم

وكم نصحتِ بلا خوفٍ ولا حرَج
والنصحُ يُذهِب ما بالنفس من أضم

وكم وعظتِ فردّ الوعظ مَن وعظوا
فعاف مجترمٌ ما جاء من جُرُم

وكم طرقت قلوباً في مناظرةٍ
فتاب كل فؤادٍ طيّب فهم

وكم دحضت لدى التنظير من شُبَهٍ
حتى أقيمتْ قناعاتٌ على دِعَم

وسُقتِ برهان ما قدّمتِ من زبدٍ
لذا سلمتِ من الأخطاء والتهم

وكم أزلتِ – بدنيا الناس – من بدع
بما لديك من الإقناع والحِكَم

وكم زجرتِ عُصاة ليس يردعُهم
دينٌ ولا كل ما في الأرض من نظم

وكم أخذتِ على أيدي مَن انحرفوا
بلوم داعيةٍ أعتى مِن الحُمَم

وجاء قومٌ إلى (محمدٍ) ، فعزا
إليك ، إذ فقتِ آلافاً مِن العِمَم

قال: اسألوها الذي دقت مسائله
وذاك فضلُ المليكِ الواحد الحكم

فجُبتِ بالعلم آفاقاً مُوَسّعة
والعلمُ مجدٌ تليدٌ بالغ العِظم

وكنتِ للفقها أرجى مُعلمةٍ
فكم أشدتِ بفذٍ نابه عَلم

و(السختيانيّ) و(الحَذّاءُ) كم درسا
على يديكِ علوم الشرع والسلم

وللسدوسيِّ في الأصول مدرسة
وأنتِ علمّتِ مَن لِمَا لديك ظمي

ولابن حسانَ جهدٌ لا نظيرَ له
كفارس - في لقاء المُعتدين - كمي

سبعين عاماً وما كَلتْ ولا اعتذرتْ
ودَأبُها – في التحدي – جدّ معتلم

عليكِ رحمة ربي ما ازدهى قمرٌ
أو استضاءتْ سما بالشمس والنجُم

رباه فاغفر لها كل الذنوب وما
أتته من سائر الأوزار واللمم

إني بهذا الدعا عن خير عالمة
سجّلتُ تزكيتي وحُسن مُختتمي

ولا أزكّي على – رب الورى - أحداً
بل عشتُ أحسبُها مِن النسا العُصُم

© 2024 - موقع الشعر