تغريدة البحر - أحمد علي سليمان

تضاحكتِ اللآلئُ والمحارُ
وغنى نورسٌ ، وشدا هَزارُ

ورملٌ في أصيل البحر يلهو
وبط طار ، أغواه الفِرار

وأسماكٌ ببحر الشوق تشدو
ولؤلؤة تلقفها الصغار

وأصدافٌ تُغنيني قصيداً
عتي الوقع ، أغرته الديار

وأحجارٌ قلاها الموجُ دهراً
وتبكيها على الشط المَحار

كذاك قواقعٌ مثلُ الليالي
رفيقاتٌ يُعرقلها الإزار

نسيم البحر يلعب لا يبالي
وقد غشاه في التو الدوار

فضلّ طريقه حتى أتاني
ظريفَ الحُسن يعلوه الوقار

وبعضُ حنينه هذي البيادي
هو النسرينُ تهديه القفار

كتابٌ ذلك البحرُ احتواني
وفوق غلافه طُرح الخِمار

جمالٌ كل ما في البحر ، حقاً
عميقُ القاع ، ليس له قرار

كذاك الطير أسرابٌ توالتْ
تتوق إلى العُلا ، ولها الخِيار

كأن الجوّ مملكة لديها
وقد نفرتْ ، فآنسها النفار

كأبيات القريض ، ولم أبالغْ
لها في الجو - أشتاتاً - حِوار

وفوق البحر طارت ، لم تُخفه
وهل مَن طار تُزعجه الخطار؟

وإن الله ممسكهنّ صِدقاً
وأخبرنا ، فكيف بنا نحار؟

قد امسكها بأجواء السماء
وقد ضم الجميعَ بها مَسار

وإن صّفتْ وإن قبضتْ جناحاً
وإن حل العشي ، أو النهار

تبارك دونكم ، و(النحل) أيضاً
فإن الذكر – للعقل - النضار

وكم في البحر - من عِبر - لعين
وكم للبحر قد شط المَزار

وإني كلما ابصرتُ بحراً
تملكني – للقياهُ - الجوار

يغرّدُ ليس يسمعه سوايا
وإن ينشدْ ، فليس له غِرار

وأغبطه على ما يحتويهِ
وقد غطى قلائدَه الستار

فسبحانَ الذي خلق البحارا
ومَن دوماً تسبحُه البحار

© 2024 - موقع الشعر