ترنيمة على جدار الحب - أحمد علي سليمان

أنا كم رجوتُ الله زوجاً من كياني
فيها سنا الإخلاص والإيمانِ

ولكم بكيتُ أريدُها مُتضرعاً
وبقيتُ وحدي كالكسير العاني

ودعَوْته ، رباه أكرمني بها
وبأنسها في عالمي الحيران

لنقوم - في الدنيا - على أمر الهدى
بين الورى بالمنهج الوسنان

ولكم سهرتُ الليل أجأر بالبكا
ويُريق دمعي - في الحشا – شرياني

وودتُ عمراً مستبيناً هادئا
فيه انتصارُ الروح والوجدان

ودعوتُ ربي لائذاً متوسلاً
متمنياً منه الأليفَ الحاني

وإذا أراد الله شيئاً قال: كُن
سبحان ربك من عظيم الشان

قبلَ الجليلُ توسّلي وتذللي
وانزاحَ كربُ العُزبة المُتداني

وهناك - في المجهول - نامت صرختي
ومضى عويلُ القلب دون توان

وتشوقني الذكرى بعذب ترنم
لمّا رجوت اللهَ مِن وجداني

للهم هبني زوجة تسمو بها
أعماقُ روح حزنها أعماني

حتى رزقتُ ب (عزةٍ) فشكرتُ ربّ
ي مُخبتاً متأدبَ العِرفان

وندمتُ أن لعب الهوى بالعقل ده
راً ، وانبرى يهذي بغير عنان

نظر الحياة بحرقةٍ وبلوعةٍ
ومضى يقول: سئمتُ يا إخواني

إذ لا أرى أثراً لتوحيدٍ على
حواءَ في هذا الهجير الفاني

قال الجميع تأنّ قل: رباه فاه
دِ القومَ للتوحيد والإحسان

أنا يوم قلتُ: أريدُها قال الهوى
أكرمْ بها يا صاح مِن خِلان

يا سعد بيتٍ قد أقيم على التقى
يا عز قلب يغتذي بأمان

قال الجميع: تريدها ، هذي إذن
أكذوبة ، أو فِرية الصِبيان

فنهرتهم ، وصرختُ في جُهّالهم
هِي وجهتي ، هذا إذن إعلاني

لمّا رُزقتُ بأنسها نبتتْ هنا
ك صبابتي وشبيبتي وحَناني

قلبان - في حب المليك - تلاقيا
وتعانقا في واحة القرآن

والقومُ بين مكذب ومُصدّق
يتقاسمون مشاعر الوَلهان

زعموا القلوبَ بمالهم أن تشترى
أو أن تباع ضمائرُ الإنسان

أنا يا أخيّة لستُ أعبأ بالأذى
فالله هازم كل من عاداني

لمّا تطاول جاهليّ ضجيجهم
أن يأخذ الفضلى بمال دان

قالت بعز أبيةٍ: أنا لستُ أن
صرُ - في الورى - جهلي ولا شيطاني

لستُ التي تهوى حياة عشعش الش
يطانُ في أرحابها بتفان

ما قلتَ يا رعديد في قدمي ثرىً
علقتْ به خفي على هذيان

أنا قد علمتُ نهيقكم في خلوتي
يا من تحاول أن تبيد صِياني

وأعيشُ - في أهلي - هنا محبورة
من غير ما صنم ولا شيطان

بل ديننا الإسلامُ شِرعة ربنا
نحيا به ، ونعيشه بمعان

لا ديننا الأفلام أو فحش الكلا
م على عِباد الواحدِ الديّان

أنا ليس تخدعني المظاهرُ ، إنني
من فيض ربّي أستقي تِبياني

والعيش زينٌ إن يكن في طاعةٍ
بعتُ الهوى والنفسَ بالغفران

والله قد أعطى فؤادي إلفه
يمحو به – حقاً – جوى الأشجان

كم ذا يناجيني دعيني أنصرفْ
وأنا أقول: امكث ففيه أماني

كم ردّد الآيات تطرب مَسمعي
وأنا أقول: اليومُ مَرّ ثواني

كم قلتمُ عن شخصه كذباً وتض
ليلاً وألواناً من البُهتان

قلتم: سيحبسُني ببيتٍ مُقفِر
ويُذيقني دهراً أسى الحِرمان

وأسير تسحبني يداه بذلةٍ
من خلفه كتخبّط العُميان

وسيحرم الجسمَ النحيلَ من الهوى
ويُميط عن عيني سنا الألوان

وسيمنع الأغرابَ من رؤيايَ في
وحشيةٍ ، وسيهدمنْ بُنياني

وسيحجب الوجه النضير عن الورى
تحت النقاب بعزمة الكُفران

وسيغلق الأبواب دوني والدنا
وسيكبتُ الأهدابَ في الخسران

وأنا أقول: كفاكمُ حقداً وتم
زيقاً ، فذلك لن يهدّ كياني

أنا (عزة) من عِزةٍ في عِزةِ
وإلى العزيز يعودُ عز مكاني

والآن فاسمع يا عديمَ السمع ع
ذب قريضه برويّةٍ وبيان

ما قال في أشعاره هذي سوى
نفحاتِ عطر ذاعها بستاني

سيعيش يرويني قصيداً نابضاً
ويلفني في أعذب الألحان

هيَ للعليل دواؤه ، كلماتها
وحروفها تروي ظما الظمآن

باتتْ منار السمع في قدسيةٍ
برطيب شعر مُشرق فينان

هي (عِزتي) ، وأنا أتوق لأنسها
أكرمْ بها ، هي منحة الرحمن

ولأن يموتُ المرء أهونُ عندنا
من عيشةٍ ملئت بذل قان

أعني مذلة غربةٍ مرذولةٍ
ليستْ يصورها مِداد بناني

محبوبتي ، والله أعطاها التقى
زاد اعتزازاً قلبها المتفاني

هي عزة في عزةٍ رقراقة
عز الذي أعطاكِ مِن منان

فالعز طابعُها ، ومَحتِدُ أصلها
وفصاحة فاقت صدى سَحْبان

واللهُ بارك فقهها وفهومها
إن التفقه حِلية الإحسان

أنا لستُ أمدحُ فتنتي ، لكنها
فرضتْ - على قلمي - عطا الديان

والجودُ فاعلم والحياءُ خلالها
والروحُ روحُ بُليبل رنان

تتلو ، فتسحَرُني بقرآن غدا
من ثغرها فيضاً من التحنان

ولذا أرى قلبي يرومُ وصالها
في الله ، بورك في الدنا الوصلان

وصْلُ الكتاب وسُنةٍ وهدايةٍ
ووصالُ روح القلب وصلٌ ثان

وأنا أخذت العهد أن يُروى لها
ما قد رسمتُ بريشة الفنان

للهم فاجعل فيك كل وصالنا
واجعله يا رباه في الميزان

واجعله نوراً في ظلام دروبنا
وأدمْه في سِر وفي إعلان

حتى نذرّ النور في أصقاعنا
ونعطر الأجواء بالعرفان

عرفان حق ليس فيه تنقصٌ
ونزينه بحلاوة الشكران

يا فتنتي أنتِ المَعين لدعوتي
أنتِ العطا يا زينة النسوان

رباه فاغمرْ بالسعادة قلبها
واملأ إبائي بالمضا الرباني

وأزلْ بأنوار الهدى ظلم الهوى
وامحقْ ديار الظلم والخذلان

وأجُرْ إله الناس عبداً تائباً
وانفع بها روحي كذا وجناني

حتى يعم الخير في أفيائنا
رباه واحفظنا من العدوان

واحفظ (أميمة) و (الخليل) شقيقها
وانفع بعزة أمهم والثاني

لمّا رأتهم (عزة) فرحتْ بهم
وأفضْ - على ذي الزوج - بالولدان

مِن عابد الرحمن ثم بُنيّة
وتزيد أو تنقص فكلٌ فان

ترنيمة هذي على سِفر الهوى
وعلى سُطور مَعينه الفتان

ترنيمة تهفو إلى محبوبها
وعلى (جدار الحب) كالقربان

ترنيمة تحنو على معشوقها
وتعبّئ الأشعارَ في الأوزان

ترنيمة تسمو على دنيا الورى
ياقوتة مثل الأريج الحاني

ترنيمة تمحو من النفس الأسى
حمراءُ مثل نضارة الرمان

ترنيمة أنشدتها زمن الصبا
تستنطق الألباب كالعقبان

ترنيمة نورُ الوداد جمالها
محشوّة بالصدق والرجحان

ترنيمة صدقُ الوفاء عبيرُها
مَذخورة بسطاعة البرهان

© 2024 - موقع الشعر