بينكما أنا الغريب! (عشقت سواه فتركها له) - أحمد علي سليمان

خرقتِ بما أتيتِ توقعاتي
وسربلتِ الخُطا والأمنياتِ

وحطمتِ المحبة بالتردي
ودمّرتِ الهوى والذكريات

وزلزلتِ الكرامة والسجايا
وكبلتِ الوفا والمَكرُمات

وحُزتِ من الخُلاعة مُنتهاها
وعند الناس سَيلُ البينات

وكنتِ - من الإهانة - في حضيض
به اجتمعتْ جموعُ الفاسقات

وأتقنتِ الخنا فناً وحظاً
وفُقتِ بما أتيتِ المُجرمات

وأغراكِ التبذلُ والتدني
فسرتِ على دروب الساقطات

وواعدكِ العشيقُ نوالَ عز
وبين يديكِ ساق المغريات

ليُوهِمَ - بالوداد - من اصطفاها
لمُتعته ، وأجزل في الهبات

ونوَّع في التقرب والهدايا
بأسلوب الدهاقنة الغواة

لكي يصطاد قلباً مستريباً
ونفساً أوغلتْ في الترَّهات

وعاطفة تباع بكل سوق
وإحساساً يحِب السيئات

وروحاً في أتون الوحل غاصت
وأمست تحتفي بالمُوبقات

وزوجاً لا تتوق إلى عفافٍ
ولا تهوى رياض المُحصنات

وذاتاً للفجور تحنّ طوعاً
وتوغل في دياجي المُخزيات

يبادلها شعوراً مستعاراً
ويخدعُها بتخييل الحُواة

ويسحَرها ليأسرَها احتيالاً
ويطرحُ ما تيسر من نِكات

ويملأ دربها ورداً وعطراً
وكم عند المُتيَّم من أداة

ويصحبُها إلى وكْر البغايا
لتسقط في الشباك المُلقيات

ويرمي سهمه ليصيب حَمقاً
فيصطاد الفريسة كالرماة

ويمْتعُها ، وتمْتعُه تباعاً
ويختبئان في لجج الحياة

ويلتقيان مهما قيل: عيبٌ
ومهما سيق من أزكى العِظات

ويقتسمان كأساً مِن غرام
مُعتقة العذوبة كالفرات

ويختصمان إن قيل: انحطاط
ويبتدعان حُكماً كالقضاة

وتنقلبُ الحقائقُ شائعاتٍ
ومَن يُصغي لتلك الشائعات؟

وينقلبُ الجُناة لأبرياءٍ
فواعجباً لتلبيس الجُناة

ويُصبحُ مَن تلطخ بالمخازي
تقياً مِن مغاوير الأباة

ومَن خانت حليلاً لم يخنها
ولم يُنصتْ لألحان الوُشاة

ولم يجرحْ مشاعرَها بلفظٍ
ولم يهجرْ بشيء من أذاة

ولم يغدر - معاذ الله - يوماً
لأن الغدرَ مَقبرة الأباة

ولم يَنقضْ - معاذ الله - عهداً
ونقضُ العهد مِن أخزى الصفات

ولم يَبخلْ بعارفةٍ عليها
ولكنْ ساق أغلى التضحيات

ولم يؤثرْ عليها أي أنثى
سوى أم تفوق الأمهات

ولم يُهدرْ كرامتها انتقاماً
فهذا الأمرُ من طبع الطغاة

ولم يلعبْ بها - في الخلق - لعباً
لأن الجد من أسمى السمات

ولم يضربْ ، ولم يشتمْ بتاتاً
فما هذا الحليل من العُتاة

إلى أن سافحتْ ، وهوتْ خديناً
وأمست من شرار الصاحبات

فلا تقوى ، ولا خلقٌ كريمٌ
يُزينّها ، كباقي المؤمنات

لفظتُ ودادها ، وبلا ترٍو
فقد خابتْ جميع توقعاتي

وفاض الدمعُ - من عيني - سُيولاً
وهاجت - بالأنين - توجعاتي

وبات القلب يجترّ البلايا
ويسبحُ في خِضمّ العائدات

وفي أحوالها أعملتُ فكري
وفي حالي أطلتُ تأملاتي

وقلتُ: لمن أبوحُ بمُرِّ سِري؟
ومَن في الناس تؤلمه شكاتي؟

ومَن سيُجفف الدمع احتساباً
وينصح بالوصايا الطيبات؟

ومَن سيخفف الآلام عني
ويحملني على متن الثبات؟

ومَن سيردّ – لي - أرج اعتباري
ومَن سيعيدُ - لي - شرفي وذاتي

ومَن سيريحُ - مِن كَدر - ضميري
ويُوصلني إلى حبل النجاة

لقد طفحَ المصابُ سنا طموحي
وأسلمني لأعتى المُعضلات

وجرّعني البلاءُ بدون ذنب
وأسكنني جحيمَ الحادثات

وألجمني ، فلم أنطقْ بحرفٍ
فلذتُ - مِن البليّة - بالسكات

وكنتُ أرى الحليلة في الثريا
وكنتُ أعدّها في الخيّرات

وأحسبُها على رشدٍ وخير
ومِن أهل التعبّد والصلاة

وكنتُ أظنها أسمى الولايا
ترفرفُ في سماء الفضليات

وكانتْ عُدتي لغدٍ بَهيج
ومَن تعطي عطاء العابدات

فخاب الظن حتى كدتُ أهذي
وأغرقُ في لهيب تحسّراتي

فما كانت سوى عار كواني
وترياق يقود إلى الممات

وماجنةٍ سُقيتُ بها الرزايا
وعاشقةٍ من اْشقى العاشقات

أقول لها: كفى - واللهِ - غِشاً
وتدجيلاً ، فإن الخطبَ عات

مُقامُكِ - تحت سقفي - مستحيلٌ
وبُعدُكِ من أجلّ الأمنيات

ألا فلترحلي عني مليّا
فلا ألقاكِ في أي الجهات

ولا تتأسفي عن عشق نذل
فإن مصيره باللهِ آت

فِعالكِ ما علمتُ فِعال سُوءٍ
فسيحي - في الهوى - كالداعرات

ونسبتنا إليك تجُرّ سُوءًا
وتجعلنا وقوداً للشِمات

أبيعكِ بالدراهم ، لا أبالي
لغاو من رعاديد الغواة

فدينارٌ - مِن الرعناء - أغلى
وعَيشُك قد توشّح بالفوات

هنيئاً للمتيّم عشقُ حَمقا
وسوف تباعُ بيعَ الأضحيات

كما باعت حليلاً ، لم يُقصِّر
وباعت طفلها بعد البنات

وباعت أسرة كانت مَلاذاً
وكهفاً مِن نكال المُهلكات

فسوف تبيعُ مَن كان اشتراها
وهذا سَمتُ كل الهازلات

غريباً سوف يُصبحُ ذات يوم
لينفذ أمرُ ربّ الكائنات

© 2024 - موقع الشعر