الفاروق يخير النيل - أحمد علي سليمان

ألا يا نيلُ ماؤك مستطابُ
وخيرُك - في الدنا - شهدٌ مُذابُ

وجودُك لا يقارن أو يباري
ودلتا مصر تشهدُ ، والشعاب

وتشهد بالعذوبة كل نفس
وليس يفوقه أبداً شراب

جريتَ ففاضت الوديان تبراً
وزايلها - على الفور - الخراب

وسخّرك المليكُ لأهل مصر
غِياثاً ما له أبداً غياب

وأجرى الله في السودان نهراً
تتيه به المدائن والرحاب

فمن جنات ربي النيل آتٍ
وقولُ نبينا حقاً صواب

تبارك ربنا قد خص قومي
بنهر لا يُذم ولا يُعاب

يَشق بلادنا نصفين: نصفٌ
جبال أو سهول أو هضاب

ونصفٌ نيلنا روّاه خصباً
فأمسى ملء تربته خِصاب

وفي السودان آيتُه تجلتْ
تزول بها المجاعة والصعاب

فماء النيل ليس له مثيلٌ
هو الماء القراح ولا عِياب

وأسماكٌ به لذت وطابت
يزول بها عن الناس السغاب

أدام الله ماء النيل ذخراً
ولا كان الجفاف ولا الذهاب

ولكن لي سؤالٌ حِرتُ فيه
وليس له بذاكرتي جواب

أيرجو النيل من أهليه أجراً
على ماءٍ يزاحمه العُباب؟

وهل أجرٌ يكون بموت نفسٍ ،
فتاة غضة فيها شباب؟

فتلقى في مياه النيل قسراً
ويُخفيها عن الدنيا السراب

ألا هذي الخرافة لا تساوي
مُجردَ ذكرها ، أين اللباب؟

وروّجها من الضلال قومٌ
بضاعتهم من القول الكِذاب

فهل أغنت عن الحق الدعاوى؟
وهل يُغني عن الغيث الضباب؟

خبالٌ ليس ينقصه دليلٌ
وماذا تصنع البِيضُ الكِعاب؟

وعمرو قال: هذا الفعلُ شركٌ
وأمرٌ لا تقول به الذئاب

ومستفتٍ أنا الفاروقَ قطعاً
وسوف يزوره مني كتاب

فلمّا طالع الفاروقُ هذا
رماه ، وجفّ في الحلق اللعاب

لأن النيل في هذا برئ
فخيّره ليغمره الثواب

فجاد النيلُ بالخير احتساباً
على مَن ليس عندهمُ احتساب

وكانت آية بلغتْ مَداها
ونهر النيل أخجله العِتاب

وزالت محنة عن أهل مصر
وولى عن مرابعها المُصاب

ليرض الله عن عُمَرَيْ هُدانا
ونعم الناسُ للسلم الصحاب

هما حمَيا جناب الشرع صدقاً
ويُحمى بالعباقرة الجناب

وبارك ربنا في نيل مِصر
لعل القول هذا يُستجاب

© 2024 - موقع الشعر