الطوفان

لـ أحمد علي سليمان، ، في ربابه، 1

الطوفان - أحمد علي سليمان

أيها الجُهّالُ طاب السعدُ
وحلا – للشامتين - الودُ

أطفِئَ القنديلُ ، هيا سيروا
وانزوى التوحيد ، بان القصد

واقرأوا الأوراد فيمن ضلوا
منذ فجر اليوم يحيا الوِرد

واجهروا بالسوء في ناديكم
جوقة حادت ، وساد القرد

واسخروا من كل غال سام
أهدِر الميزانُ ، مات النقد

أعلِنوا الأفراحَ ، لا تستخفوا
قلت: يا أنذال طاب السعد

وارفعوا الراياتِ في مأواكم
وانتفخ يا هِر ، غاب الأسْد

واهرعوا عند الضريح المزوي
ثم - في الأورادِ - زيدوا ، جدوا

وخذوا (نجوى) تسلي حفلاً
ليس من هذي المهاوي بُد

واملأوا الدنيا هُراءً يطفو
لا تقولوا: إن هذا زهد

وانفخوا في الهزل كي تقتاتوا
لا تقولوا: إن هذا رُشد

وانثروا – فوق المخازي - وَرداً
ضربة للحق ذاك الوَرد

وكلوا بالحق ، لا ترتابوا
لقمة يُزجي قِراها الجحد

إنه الطوفان نارٌ تلهو
وحلا للنار فيّ الوقد

واحتواني - في الرزايا - قاعٌ
وأنا - في القاع هذا - فرد

أحرقُ القلبَ على آمالي
والمنايا – فوق رأسي - لحد

وانفعالي ضج من آهاتي
وكذا أعيا صمودي الجهد

صابرٌ ، والصبر أدمى جرحي
واعدٌ ، أعيا خطايَ المجد

ثائرٌ ، يطوي اندفاعي قومي
ويزيد الحزنَ فيّ السهد

آه لو لي قوة يا هلكى
لم يطِب – للشامتين - الحِقد

فأنا الأعزل ، وحدي فيكم
وأنا الحُر ، وغيري عبد

ليس زهواً قلتُ هذا ، كلا
إنما حقٌ يقال وذود

سوف يُزوى في الليالي نجمي
ثم يُزري ما بذلتُ الفقد

ثم يعلو في مكاني غيري
ليس معطاءً ، ولكنْ وغد

أيها الحيتان فيم الشكوى؟
إنما البحر قلاه المد

وخلا الجو لكم ، فارتاحوا
ولكم من كل غِر رفد

لم يُصب طوفانهم مأواكم
إنما – فوق الخزايا - الورد

زادت الأموال في أيديكم
ثم بين الجائرين العهد

وتربصتم – هنا - وارتبتم
وقلا الأفواهَ تلك الحمد

رضيَ الطاغوتُ عنكم ، ناموا
واسعدوا بالعيش ، لا تعتدّوا

وارتعوا كالعِيس في ناديكم
يسعدُ – اليومَ - الذي يرتد

واجمعوا الأموال ، لا تحتاروا
ربما لا يأتينّ الغد

واحصدوا الخيراتِ ، لن تنضاموا
بورك المحصودُ ، بل والحصد

وانهبوا ، قد غاب أهلُ التقوى
ولهذا النهب يوماً حد

أبعِد الداعون ، عاثت فوضى
لم يعدْ في الدار هذي جد

مأتمٌ للنور كي تقتاتوا
أغرَق الطوفانُ مَن يحتد

مذبحٌ قام لأهل التقوى
إنما أنتم لذاك الجند

فكلوا من لحمهم أرطالاً
إن هذا اللحم حقاً شهد

واشربوا من دمعهم أطناباً
قبل أن يغشى الضحايا الوأد

أيها الأوباش ، ماذا أحكي؟
إنما أعيا اليراعَ السرد

والمنايا – فوق شعري - تترى
لم يعد يُحصي لظاها العد

والمِداد العذب أضحى قيحاً
وكذا من وَجده يسوَد

يشتكي الطوفان عند المولى
والأسى - في دمعه - يشتد

واليراعُ الشهم أمسى ظلاً
وله - في الكرب - هذا عقد

بعد أن كان عظيم الفحوى
وله - في الحزن - بأسٌ صلد

لكن الطوفان أدمى عزمي
وإلى روحي اللظى يمتد

أيها الأرجاس ، نارٌ ظلمي
ليس يدري مُنتهاها البرد

ذلك الطوفانُ لم يغرقكم
لا تخافوا ، ثم فيم الوَجد؟

إن للطوفان مَرمَىً أسمى
يُغرقُ الأبرارَ ، ماذا بعد؟

© 2024 - موقع الشعر