رد سادة القبائل على اليمامة! - أحمد علي سليمان

نحن الأشاوسَ باللذات نكترثُ
وفي مَرابعنا يَحلو لنا الرَّغَثُ

نحن الأباة ، لنا الدنيا وزخرفها
ومِن شمائلنا الأنوارُ تنبعث

ونجلِبٌ الخيرَ ، نهديه رعيتنا
فلا يُهددُهم سُوءٌ ولا نَغَث

كم يَفخرون بنا في كل مُصطدم
كأنهم حِكمة الأجداد قد وَرثوا

يمامة الخير ، خَلِّ الثأرَ ، وانتبهي
لِمَا يَحِيكُ لنا أعداؤُنا الخبث

كُليبُ ولى ، وعافَ القومُ سيرته
و(الزيرُ) ليس له جُندٌ ولا بَعَث

يحيا أسيفاً ، ونارُ الوَجد تحرقه
ولا يزالُ بأخذ الثأر يَكترث

ولابن مُرَّةَ (جَسَّاسٌ) مَحاذرُهُ
مِن أن يُجَندِله الإرصادُ والدَّعَث

وآلُ (بكْر) تُغشِّيهم كآبتُهم
ويَستهينُ بهم في المحنة العبث

ويحَ (البَسوس) أمَا لاحتْ نهايتُها
إن السبيل إلى إنهائها وَعِث

وعَمُّكِ (الزيرُ) في التخيير جُرْتِ على
مقامه ، فزها آرائهم ضُغُث

يمامة العُرب ، جدِّي السيرَ عازمة
على الصِّمات ، فحبل الثأر منتكث

لسنا من العُرب حتى يُستعانَ بنا
على قِتال عِدا في داركم عبثوا

دَكوا البيوت ، وأهليها هُمُ قتلوا
لأنهم همجٌ رؤوسُهم رِثَث

إنْ جاء أمرٌ لنا ضجَّتْ جحافِلنا
والجُندُ في أمِّها بنصرهم شَبِثوا

ما نفعُ حرب تُقويكم وتدعَمُكم
وبعضُ سادتكم إلى القنا لهثوا؟

والبعضُ يُحْدثُ إرهاصاتِ مُنفعل
يستعجلُ النصرَ يُغري عزمَه الحدث

ماذا استفدتُم من الجهاد يُشْهرُه
سيفاً شراذمُ في أصقاعكم مكثوا؟

فكم أعدوا لِمَا راموا وكم حرصوا
وفي عهودِهمُ – والله – ما حَنثوا

ووحدهم صمدوا في ساح خندمةٍ
عَبرَ المفازات عن أعدائهم بحثوا

لم يُمهلوهم ، ففي الإمهال مَهلكة
والله وحَّدَهم صَفاً ، فما ارتبثوا

ونحن نشهدُ أعداءً وقوَّتهم
لذاك نخشى فئاماً جيشَهم بعثوا

لكنْ شجَبنا ، وأنكرْنا علانية
وفي الجرائد وصفٌ للألى خبثوا

والبعضُ كال لهم ألقابَ تحْقِرُهم
همُ الخنافسُ والجُعلانُ والعُثث

والبعضُ قال: همُ الأوساخ مُنْتنة
فلم يَزرْ جُلهم طهرٌ ولا تفث

والبعضُ ندد بالعادات هم ألِفوا
فالديدنُ القبحُ والفحشاءُ والرَّفث

يمامة الفخر قلتِ الحق في وضح
لذا استرحتِ كما ارتاحَ الألى نفثوا

فما أسِرتِ ، ولا لبثتِ في قلق
وما سَعيتِ له ، وما سعى اللبَث

بل عِشتِ في دَعةٍ ، وفي بُلهنية
ولم يُساومْكِ دُهقانٌ ولا خَنِث

بعنا القبائلَ بيعاً لا سَوامَ له
وكل مُعترض يَضمُّهُ جَدَث

وكم بَكَتْ جُثَثٌ أصحابُها اندفعوا
فهل تعودُ إلى أرواحها الجُثَث؟

إنا إلى الغرب يَمَّمنا مطامحَنا
فجُدِّدَ القصرُ والأسلوبُ والرِّثَث

ولم نعد في الورى – حاشا - نمثلكم
لا يستوي الدُّرُ في الميزان والرَّوَث

الغربُ مكَّنَ للأتباع مَن حرسوا
تراثه ، وجَنى غِراسه حرثوا

وما احتفلنا بأرقام ، ولو كثُرتْ
وما استقامَ لنا منكم ، ولا الثلث

فيا(يمامة) هل وعيتِ مقصدَنا
إذ ليس ينقصُه في نصه شَعَث؟

أيماننا انعقدتْ ، ولا نبَدِّلها
إذ ليس يُفلحُ مَن أيمانهم نكثوا

وهل نسيتِ (جُبيراً) يومَ ضاقَ به
صدرُ الحوار فغِيلَ العاشقُ الدمِث

بسيفِ عَمِّكِ لمَّا الكِبْرُ شَط به
ولم يزرْ قلبه رفقٌ ولا خَوَث

أودى بقلبكِ قتلُ الحِّب في مَلأ
و(ابنُ العُبَادِ) طوى إيلافه الحدث

لا نحن مِن (تغلب) ومَن يُؤازرها
ولا نناصِرُ (بكراً) أيها اللوَث

نراكِ فاطنة ، للجدِّ فيك مَدىً
لا تستوي مَن وَعتْ والمرأة الخُنَث

فامشي الهَوَينى على بساط فرقتنا
وزايلي كل مَن بأمرنا اكترثوا

هذا هو الرَّدُّ سطرناها تبصرَة
لكل قوم لنا (اليمامة) ابتعثوا

مناسبة القصيدة

(كتب الشاعرُ الكبير الفحل الأستاذ عبدُ الناصر عليوي العبيدي رسالة شعرية على لسان (اليمامة) ابنة كليب بن وائل ، تُذكِّرُ فيها قومها البكريين بثأر أبيها (كليب) من (التغلبيين) وقد أحسَّتْ بعجزهم وتقاعسهم عنه ، بل ونسيانهم أو تناسيهم له وكم كانت رسالة مؤثرة جداً على مَن قرأها بقلبه وشعوره وحسه ولما قرأتُها رأيت بأن أسَطر في مُحاكاتها ردَّ عِلية القوم من سادات القبائل على اليمامة لأصور مدى لا مبالاتِهم لألمها وجرحها وشكاتها وثأرها وآثرتُ أن يكون لمُحاكاتي ذات البحر وذات القافية ، حباً في الأستاذ عبد الناصر وقصيدته وكان قد بدأها بقوله مستهجناً معيشة الكبراء في اللذائذ ، غافلين عن رَعيتهم تمام الغفلة: ما للأشاوس في اللذات قد مكثوا وفي حِمانا يعيثُ القملُ والعُثَثُ؟ إلى متى وضِباعُ الليل تنهشُنا ونحن ننظر حتى ينضج الحدث؟ واستمر الشاعر في تبكيت القوم ، مُبيناً أسبابَ فرقتهم وطمع الأعداء فيهم وتكالبهم عليهم ، فقال محذراً من هذا الركون إلى الأعداء والأنس بهم:- يا قومُ نطلب أحلاماً مزركشة أما الحياة ففيها البُر والغلث من ظن أني بقولي كنتُ أقصده كان اعترافاً صريحاً أنه الخبث والحقيقة أنني أحذتُ بجمال وجلال القصيدة المعلقة الانتصارية ، وكنتُ قد وعدتُ الأستاذ عبد الناصر برغبتي في مُحاكاتها في إيراد رَد عِلية القوم وساداتِ القبائل على رسالة اليمامة!)
© 2024 - موقع الشعر