الطبيعة الحزينة - أحمد علي سليمان

هيّجتَ يا صاح ما في النفس من قهرِ
لمَّا ذكرتَ الذي في (الصِين) يستشري

واغرورقتْ – بالدموع - العينُ باكية
ودمعُ قلبيَ - مِن فرط الأسى - يسري

وفي المشاعر - مما قلتَ - وخْز جَوىً
وفي الأحاسيس بعضُ الضيق والعُسر

وللعواطف أناتٌ تُعذبني
وتستجيش سعيرَ الوجد في صدري

وللضمير أنينٌ لا يُجاوزه
حتى تذبذب بين الكر والفر

طبيعة أسلمتْ لله خالقها
تلك السماءُ ، وهذي الأرض بالجبر

والشمسُ تعبده طوعاً ، وتسْبح - في
هذي السماء - تعمّ الناس بالخير

وفي السما القمرُ المنيرُ يعبده
وللنجوم تسابيحٌ ، وللطير

وكل ما دبّ فوق الأرض يعبده
والزرعُ والنبتُ والأسماك في النهر

وأغلب الناس - في الضلال - قد رتعوا
وبارزوا الله بالعِصيان ، والفجر

وأوغلوا - في دروب الشرك - في عَمَهٍ
وما أحسّوا بما في الشرك من خسر

فبعضهم قال: للرحمن صاحبة
وابنٌ ، وأبئسْ بها من فريةٍ تُزري

وبعضهم قال: للمولى البناتُ ، وذا
من أعظم الزور والبهتان والكفر

وبعضهم قال: ربٌ في السماء ، وما
له بذي الأرض من نهي ولا أمر

وبعضهم قال: بل هناك آلهة
للخير بعضهمُ ، والبعضُ للشر

وبعضهم قال: ربّ المرء شهوته
سفاهة تلك في الأفهام ، والفِكر

وبعضهم قال: أرحامٌ بنا دفعتْ
والأرض تبلع ما تلقاه في القبر

وبعضهم عبدَ الأبقار في وضح
مِن بعد ما فسدتْ ركائز الذكر

وبعضهم عبد النجوم يَحسَبها
تُدبر الأمر بالإرغام والقسر

وبعضهم عبد النيران تحرقه
في هذه ، ثم بعد البعث والحشر

وبعضهم عبد الكواكبَ ازدهرتْ
وبعضهم لاذ بالنيازك الزهر

وبعضهم عبد الجن الذين همُ
لا يملكون من اليسرى ، أو الضر

وبعضهم عبد الأهواء تصرفه
عن المليك ، فما أصغى إلى النذر

وبعضهم تبع الأحبار مكتفياً
بما ارتأوْه كمثل الوعل والثور

وبعضهم لزم الرهبانَ يَغبطهم
على العبادة ، عن جهل وعن كِبْر

وبعضهم وافق الكُهّانَ دون هدىً
ولستُ آسي على المستهتر الغِر

حتى إذا فسدت - في الناس - فطرتهم
شب الضياع ، وسادت فتنة العُهر

إن العقيدة إن تاهت معالمُها
تُمسي الأناسيُّ كالأغنام والعَير

تبكي الطبيعة في (بيكين) آسفة
على القطيع الذي في وضعه المزري

وتشتكي الخلقَ للديان خالقهم
وتستعيذ به منهم ، وتستبري

© 2024 - موقع الشعر