الشمعة الباكية - أحمد علي سليمان

وباكيةٍ تُعاني مِن أساها
وتسأل : كيف أدمتْها خطاها؟

وقادتْها إلى المكروه قسراً
ولم يأسَ الأنامُ لِمَا دَهاها

تشعُّ النور في كل سبيل
وتحرق نفسها ليرى عِداها

تبيت الليل في لفح ودمع
ويطفئ غيرُها - عمداً - ضياها

وتبكي - في الورى – ما يحتويها
وودعتِ الينوعة وجنتاها

يُحاربها الظلام ، ينال منها
فيزداد اللهيبُ على أساها

وأنياب الظلام بكل درب
تمزقها ، ولم ترحم جواها

ألا يا شمعة في الدار تبكي
وبومُ الدار محدقة تراها

لقد حولتِ صمتَ الصخر قلباً
يُرَجِّع آهة ثكِلتْ صداها

وآلمكِ الهوانُ ، فقلت: آهٍ
فذابت صخرة في منتهاها

أخاطبها ، فتغضي في حياءٍ
وتدري الناسُ - حقاً - ما دهاها

ولكنْ زهِّدوا في الدين ردحاً
وداري ليس تبكي ما اعتراها

وغاب الحق ، لم تحزن عليهِ
وقد رتعتْ بأحوال هواها

رماها الشر في بئر البلايا
ومن عجب تكرِّم مَن رماها

وتفديهم بأرواح ومال
وتجعلهم رموزاً في مداها

قد انقلبتْ موازين البرايا
فعربيدٌ كمن يبغي هُداها

ألا يا شمعة بالعطر نشوى
دعي الجؤناتِ تغرقُ في دماها

وصوني العطر عن قوم خزايا
فإن العين جفتْ مقلتاها

وكم سقطتْ دموعُ العين تترى
وغيركِ في مهاوي الدعر تاها

فهل تبغين في الدنيا عُلواً؟
وهل تبغين أموالاً ، وجاها؟

أراكِ اليوم دامعة المُحيا
وتعلو ثغركِ المجنوزَ واها

إذا رمتِ السلامة ، فاستجيبي
فقد يئستْ دموعُكِ من لظاها

ثباتاً ، أيها الخجلى ، وصبراً
كفاكِ الروحُ تحيا في هداها

وإن الله ناصرُ مَن تزكى
أجبْ - رباه - للحيرى دعاها

© 2024 - موقع الشعر