الخلق والعلم! (تحية لمحمد الكيلاني بمنار الإيمان) - أحمد علي سليمان

بالخلْقِ تُبنى النفسُ والتعليمٍ
وهل الحياة تُقامُ دون علومِ؟

مَن مَبلغ عنا الذين تعلموا
أن العلوم تُمدّنا بفهوم

وتزيدُنا فكراً على أفكارنا
وتُزيل بالتفهيم كل هموم

وسألتُ يا أستاذنا الكيلاني
لطفاً براعي أسرةٍ مكلوم

واقرأ معي قول (الأمير) مُرجّعاً
بالخلق ينتفعُ الفتى وعلوم

فصّلْ على الأولاد بيتاً قلتُه
أبكي على ولدٍ حيا كيتيم

لم يتلُ شعر أبيه ينحو نحوه
ليُصيبَ بين يديه بعض نسيم

بل عَق شعر أبيه دون هوادةٍ
فاحكمْ ، وإنك سيد التحكيم

أوَلم يُصِب أدباً بصرح علومكم
ب (منار إيمان) لكل غريم؟

ووصيّتي ل محمد الكيلانيْ
بقصيديَ المتواضِع المَحشوم

أن يبذل الجهد الجهيد تفضلاً
وبقلب معطاءٍ ووجه وسيم

وليمنح الأخلاق والتعليم في
حرص – على الأبناء – جد عظيم

فالعلم أكسيرُ الحياة ونورُها
وذووه – في دنيا الورى - كنجوم

ما قيمة الإنسان دون تعلم؟
شتان بين غشمشم وعليم

والعلمُ مفتاحٌ لكل عويصةٍ
عضلتْ بفذٍ – في القياس - حكيم

وانظر لأهل الأرض من أخذوا به
لقد ارتقوا بشرافة التعليم

شادوا الحضارة في ديار راهنت
دوماً على التشييد والتصميم

فتربع العمران فوق ربوعهم
آيات مجد – في الديار - عظيم

صنعوا الغذاء لشعبهم ودواءه
وسلاحه ، فاستمتعوا بنعيم

برزوا وتاجُ البأس فوق رؤوسهم
لم يُبتلوا – في دارهم - بظلوم

لم يرضخوا لمحارب مستعمر
متغلب صلب المِراس لئيم

لم يقبلوا ذلاً بغير جريرةٍ
كلا ، ولم يستسلموا لهموم

وإذا اعتدت زمرٌ على أصقاعهم
باؤوا بشر هزيمةٍ وغموم

وإذا استُبيح صغيرُهم في موقفٍ
فزعوا له ك (خزاعةٍ) وتميم

كانوا على الأعداء صفاً واحداً
يُصْلونه بعذابهم وحميم

بالعلم سادوا ، لا بجهل أو هوىً
ولذا استحقوا ذِروة التكريم

وشواهدي تترى على تمكينهم
بنهوض جُل رجالهم وحريم

صعدوا إلى العلياء ، وانفردوا بها
أكرمْ بعز – في الأنام - مَروم

وتفيّأوا ظل التقدّم وحدهم
أمرٌ يحيّرُ عقل كل حليم

لكنْ تدنتْ – في الورى - أخلاقهم
وبَدَوْا بسِيطٍ مُقرفٍ مذموم

وكأنما يحيون في مستنقع
بلظى القذارة والأذى موسوم

فحياتهم أسنتْ بسوء فِعالهم
أبئسْ بعيش آسن وسقيم

ما أتعس الإنسان يُقحِمُ نفسه
في الموبقات معانداً كبهيم

ما أخيب الإنسان يؤثر حتفه
جهلاً على عيش هناك كريم

لم يعرفوا الأخلاق في منهاجهم
والعيشُ دون مبادئ كجحيم

ركنوا إلى العلم المقيم حضارة
كالنجم يسبحُ في خِضمّ غيوم

وتنكبوا سُبُل المعالي عُنوة
في عالم من خلقه محروم

والعلم هل متفرّداً سيُغيثهم
بعطائه المتنوع المعلوم؟

(لا تحسبنّ العلمَ ينفع وحده)
ما لم يُحَط بخليقةٍ وسُلوم

وإذا غدا علمٌ بدون خليقةٍ
جلب الدمار على قرىً وتخوم

وأباد ما ابتنتِ الحضارة في الدنا
ليصير عمرانٌ كبعض رَميم

ولأصبحتْ رُقعُ الديار بلاقِعاً
في شر حال صادم وأليمٍ

بالعلم والأخلاق يُزهرُ عيشنا
وبدون كلٍّ عيشُنا كصريم

للهمّ علمنا وحسّنْ خلقنا
حتى نفوز بجنةٍ ونعيم

للهمّ واجز محمدَ الكيلانيْ
وأجرْه يوم قيامنا المحتوم

© 2024 - موقع الشعر