الحقيقة لا يحدها قبر - أحمد علي سليمان

خادعِ الدنيا ، وخطط ، واستترْ
واهجر الخوفَ ملياً والحذرْ

واختبئْ إن شئت في جوف الثرى
وامش تحت الرمل أو خلف الحجر

واركب الموجَ إذا البحرُ سجا
أو إلى القاع ، إذا شئت انحدر

أو تترسْ – بالدُروعِ - جُنة
ثم حاول جاهداً أن تنتصر

والبس الزيفَ ، وسرْ نحو الخفا
وامحُ - مِن قاموسك اليوم - الخطر

واغتنمْ عذبَ السجايا والمُنى
إنما الآمالُ تودِي بالضجر

وامض - في الليل - وحيداً زادُه
هدأة الليل - بها - يحلو السهر

أو ترنمْ - في السماء - طائراً
غرّه الريشُ ، فغالى في السفر

هل تظن الحق يطويه الفنا
إن تغشتْه البلاوي والغِير؟

واهمٌ أنت يُناغيك الهوى
قلّبِ الأمر ، وناظرْ ، وافتكر

صاحبُ الأموال أعطى راضياً
رافعاً عنك الرزايا والضرر

ضارباً - في الجود - أسمى مثل
وأسأل الناسَ تُوافى بالسِيَر

باذلاً ما تشتهي من أنعُمٍ
وأسأل العُمال ، واستقص الخبر

لم يُقصّرْ في الذي أوليته
لم يُقبّحْ ، أو يَثُرْ ، أو ينتهر

لم يُذقك الويلَ ، فاشهدْ ، واعترفْ
واتركِ اللؤمَ ، ودعْ عنك الدَبر

فلماذا اليوم أهدرت الدما
مثلما يفعلُ أوباشُ الغجر؟

مُوغِلاً - في الظلم - إيغالَ الذي
شذ في الإجرام ، عن أعتى البَشر

عالمُ الغابات لا يرضى بما
جئت مِن أمر رهيب مُحتقر

تُزهقُ الروحَ ، وتُردي جسمَها
هل تتلمذت على أيدي التتر؟

وتُواري جُثة إنسانها
ودّع الدنيا ، فقد وافى العمُر

ظافراً بالمال مُختالاً به
وي كأنّ الوغدَ - بالمال – انبهر

ثم جابَ الأرضَ توّاقاً إلى
مَهرب أو مَلجأ ، كي يستتر

لكن الحق تجلى فجأة
وقضاءُ الله وافى بالقدر

والقِصاصُ العدلُ في ساح القضا
فأجأ الكل بحُكمٍ يُنتظر

يُقتل القاتلُ ، هذي شِرعة
سَنها ربّ مليكٌ مُقتدر

© 2024 - موقع الشعر