باحث عن الحقيقة - عبد الرحمن محمد الرفيع

كان يومي قبل أنْ ألقاكِ يومَ العابرينْ
كنت أحيا مثل غيري من ملايين السنينْ
أعبد الله من القلب، وألهو عنه حينْ
ثم آوي لفراشي
بعد أن يسرقني الليل لأغفو،
حالماً بالله والحور، وجبريل الأمينْ
كان إحساسي بأنّي مُذنب يُفزعني،
فإذا ما ذُكر الله أمامي،
رعشتْ كل عظامي،
وتلوّيتُ على جنبيَ من خوفٍ حزينْ
أطلب الغفران منهُ،
لي، وأهلي، وجميع المسلمينْ
«رب سبحانك ربي أنتَ خيرُ الأكرمينْ،
تهب الخيراتِ من شئتَ وتُعفي الآخرينْ،
لكَ حمدي وصلاتي يا إلهَ العالمينْ»
ثم يوماً، فجأة طالعتِني،
لستُ أنسى كأسكِ المرّ التي جرَّعتِني،
يوم أن عدتُ إلى البيت وقالوا ليَ: «ماتتْ»
أُمّي ماتتْ!
بينما والديَ المسكين مشلول القوى،
فوقه تنهال آيات التعازي..
«عظّم الله لكَ الأجر الوفيرْ»
أنا أدري لِمَ ماتتْ؟!
لم يكن من شوقها الطاغي إلى البرّ الرحيم،
بل لأنّا، لم نكن نملك فِلساً للدواءْ.
بينما العلّة تسري في دماها
بينما كانتْ تلوّى من أساها
وأبي يجهر في كل مساء بالدعاءْ:
«يا إلهي إشفها»
يا إلهي... ثم ماتتْ!
وأبي ما زال في كل مساءْ
يرفع الكفّ مشيراً للسماءْ
«ربِّ سبحانك ربي»
أنت خير الأكرمينْ!
فأبي ما زال يحيا كسواه من ملاين السنينْ
****
ثم يمضي العام بعد العام والدنيا تدورْ
وأنا أزرع في الصخر وفي الرمل خطايْ
علّني أجني، ولكنْ
لم أكن أجني سوى الشوك المريرْ
كغريب في الصحاري،
قلبه جفّ إلى النبع وما زال يسيرْ
عندها أدركتُ أن ليس مصيري في يدي
لستُ وحدي سبب الذل الذي أحيا بهِ
فأنا جزء صغير من كبيرْ
وتجلّتْ لي الحقيقه:
نحن ما زلنا وحوشاً ملء غابهْ،
البقا فيها لذي الناب الكبيرْ
والتقاليد التي نحيا بها
والقوانين التي نجثو لها
كلها ليست سوى ستر كثيفْ،
خلفه يستتر الزيف وآلام الضحايا
والحقيقهْ،
الحقيقه،
عالم لا ينجلي إلا لنا:
نحن أصحاب الدروب الضائعهْ
نحن أصحاب القلوب الرائعه
عندما نحلم بالفجرِ،
بإنسانٍ جديدْ
© 2024 - موقع الشعر