في دروب الحقيقة - عبد الرحمن محمد الرفيع

رغم أضواء المصابيح،
وأضواء ملايين النجوم.
رغم هذا القمر المدفون ما بين الغيوم.
رغم ما لم ينطو فينا من الشوق الدفين.
رغم لهو السامرين.
أصدقاء الليل منا.
****
نحن عشاق الدياجي،
حزننا حزن عميق.
حزننا هذا ورثناه من الماضي السحيق
فإذا أبصرتنا في الليل مره،
نرتدي ثوب مسره،
لا تلمنا يا أخا القلب ولا ترثِ لنا؛
فلقد كان قناعا،
يستر الوجه الأصيلا.
نحن لا نفقه غير الحزن شيئًا،
فإذا يومًا ضحكنا،
أنكرت أنفسنا ما قد فعلنا.
نحن عشاق الدياجي؛
ليلنا نقضيه مثل الآخرين.
غير أنا عندما نأوي إلى أفكارنا...
نتلظى.
نلمح الإنسان فظا.
آه من هذا الذي الإنسان يُدعى.
آه من هذا الذي مازال يرعى.
رغم أن الليل موصول الأنين.
رغم أن الليل قاسٍ لا يلين.
وهو لمَّا زال يرعى.
أوَ حقًا ما يقول الحكماء!
أوَ حقًا أننا نجري على درب خواء!
نسحق العمر الذي يسحقنا.
نزرع الشوك الذي يحصدنا.
ثم لا نحسن إلا أن نقول:
آه يا قابيل يا أصل البلاء.
أوَ حقًا أن قابيل ستبقى؛
يده تسبح في بحر دماء.
أوَ حقًا سيظل؛
قبر هابيل ينادي كل ليل:
آه من هذا الذي الإنسان يدعى.
****
شيمة الإنسان قالوا:
طبعه هذا وهذا قدره.
مثلما كان سيبقى.
ما يراه اليوم كذبا، في غدٍ يلقاه حقا.
والحقيقه.
حلمٌ راود أذهان الخليقه.
وستبقى،
حلمًا ما ظل إنسان على أرض العذاب.
إنما آمالنا تلهو بنا،
مثلما يلهو بنا لمعُ السراب.
لن يرى الإنسان وجه النور،
أو ظل الحقيقه.
وغدًا حين يواريه الثرى.
تنتهي قصة آلام قصيره.
تحت أكداس التراب!
****
آه يا دربَ الحقيقه،
أنت ضيعت لياليَّ سدى،
عندما أغريتني يومًا فأسرعتُ لبابك.
ملقيًا كل طموحي،
في متاهات رحابك.
كنت حلمي وعذابي.
أننا نقوى على حمل العذاب
عندما يصنع فجرًا.
غير أن الحلم ولَّى!
****
نحن عشاق الدياجي...
تذرع الدرب خطانا اليائسات.
حلمنا كان شبابًا وانقضى،
لم يعد في كفنا إلا بقايا من حطام.
لبقايا أمنيات.
سوف نحيا...
فإذا ما لفنا صمت الختام.
واحتسينا كأسنا حتى الردى.
سيغنينا الصدى...
«يا ترى هل تستحق،
بضع أفراح قصيره،
كل آلام الحياة!»
© 2024 - موقع الشعر