أراجيف الشتاء! - أحمد علي سليمان

كيف عاد القهقرى هَديُ السماءْ
ثم عانى القومُ من قيظ البلاءْ؟

كيف هذا النورُ ولى وانزوى؟
كيف غالى في الأغاليط الغثاء؟

كيف هذا النجمُ بالجهل خبا
واحتوت أقوامَنا ريحُ الفناء؟

صار فينا اسماً ، وبتنا ننتمي
للهُدى زوراً ، فقلنا ما نشاء

وادّعيْنا أننا في نكبةٍ
تقصم الظهر ، وما منها شفاء

وتظاهرْنا بجهل قاتل
يحجز النور ، ويجتث المضاء

وتعمدنا كذا طعن الهُدى
نبتة قامت ، فأشهرنا البراء

هذه النبتة منا ، ولنا
غير أنا قد غرقنا في الغباء

فتنكرنا لها في خسةٍ
ثم قلنا: ما لنا عنها غناء

فغرقنا في متاهات الشقا
يا رفاقي: ليس يُنجينا الرياء

ليت شعري ، من صخور نحن؟ لا
من دُمىً؟ لا ، نحن من طين وماء

رحل الحق ، فكانت فرحة
وأتى الأبطالُ أفعالَ النساء

ورأوْا في الفسق أسمى غايةٍ
وارتضوْا تشريد كل الأبرياء

وهذى الشيطانُ: إني ربكم
فاستكانوا ، ثم أعطوْهُ الولاء

فإذا بالقبح يغزو دارهم
لم يعد للشر في الدار خفاء

آه ، والكل سرابُ ودُمىً
وفريقٌ مسلمٌ باهي الصفاء

صاحَ فيهم: أن أنيبوا للهُدى
ناصبَ اللاهون إياه العَداء

ثم عمّتْ فتنة مسعورة
تئد الكل ، وتسعى للبقاء

نزل الغيثُ ، ولكن مِن لظى
ثم عاش الناس في أعتى شتاء

زهدوا في الدين والدنيا معاً
ضاقت الأرض عليهم ، والسماء

فإذا في الغي قومي كُبكِبوا
وإذا بالظلم فرشٌ ، وغِطاء

بات قومي للشياطين كَلا
وإذا الغِر ومَن يدري سواء

وإذا بالدار ضاعت والحِمى
ذهب الجوهرُ عنها ، والطلاء

رب ، أدركْنا بغوثٍ عاجل
ثبِّتِ القلب إلى يوم اللقاء

© 2024 - موقع الشعر