يا أبي - لطفي بن قاسم القالي

قد نكون طيبين
لكننا لسنا ضعفاء
قد نكون نحب الحياة
لكننا لا نخشى الموت
ربما نحن مسالمين
لكننا لا نولي الأدبار
قد يتزوجون
ليرضوا لعابهم
لكننا لا نتزوج
إلا لنرضي الفؤاد
ولدنا يا أبي
وكنا سبعة
نعيش تحت سقف بيت
بسبع أعمدة
يتكئ عليها السقف الأحمر
وفي ليل لجي
لا يسمع فيه إلا صوت
من يسبح الرحمان
كنا نسمع قطرات ماء
يعصرها السقف
تتساقط على مهلها
وكأنها تؤنس ليلنا اللجي
الذي يضيئه برق السماء
وكأنها كانت تعوض غيابك
كنا نحن السبعة يا أبي
ندفئ أجسادنا بأجسادنا
ونؤنس خواطرنا
بشدنا لقطعة القماش
قطعة قماش باهتة
بللتها قطرات السماء
لكننا دفأناها بأنفاسنا
كنا سبعة يا أبي
ولم تكن معنا
حينما كانت الأم
تنسينا في الأيام
لكيلا نحس بالعيد
عندما كانت تغزل ملابس الصوف
لتهديها لنا في العيد
لم تكن معنا يا أبي
عندما كنا نفرح
ونبكي بدون حضورك
وتسيل دموعنا
لتغسل الأرض
ولا يحبسها يدك
ولا تمتد إلينا كلماتك
لتطيب خواطرنا
لم تكن معنا يا أبي
عندما كانت الأم تنقي العدس
وتقول بأنها تمنحنا قوة الحديد
لم تكن معنا يا أبي
عندما كان الريح يرهبنا
ويهددنا بخلع سقف البيت
لم تكن معنا يا أبي
ولم تسمع حكايات الأم
وهي تحكي عن سبعة إخوة
دخلوا الغابة وضاعوا
وفي عز ضياعهم لمحوا نورا
قادهم للنجاة
ونحن كذلك يا أبي انتظرنا نورا
نور وجهك يا أبي
ليؤنس وحدتنا
ليشد عضدنا
ليأخذ بيدنا
إلى النور
نور نصحك
نور حضنك
© 2024 - موقع الشعر