الأميرة أو حين تغني أمدرمان - عبد الله جعفر محمد

كَمْ مَضَى مِنْ وقتنا الْمَمْنُوحَ لِلْأحْلَاَمِ
كَيْ نَبْقَى هُنَا فِي حَضْرَةِ التسآل؟
نَسْأَلُ عِطْرَهَا الْمَمْدُودَ
خَلْفَ أنِيقُ خَطْوَتِهَا عَنِ التَّذْكَارِ
عَنْ لَهَبِ اِشْتِعَالِ الْجَمْرِ فِي وَقْتِ الْحَرِيقِ
عَنِ الْمدَى الرَّعْدِيِّ فِي ألْقِ التَّوَهُّجِ بالأنوثةِ
حِينَ ضَاعَ اللَّيْلُ فِي وَهَجِ التَّمَازُجِ
بَيْنَ قَامَتِهَا النَّخِيل وَضَحْكَة النَّجْمَاتِ
حِينَ أَطُلْ مَابَيْنَ الْغُصُونِ الْخُضَرِ زُهْرُ الْبُرْتُقَال
وأنا الْغَرِيبُ أُرَتِّبُ الْخُطْوَات
فِي جَسَدٍ مِنَ الْبُرْكَانِ
خَيْلٌ لَا يُفَارِقُهَا الصَّهِيلُ
وَأنْت أَوَدِيَةُ اِنْتِصَارِ الْعُشْبِ
تدعوني فَأَمْضِي نَحْوَ أَقْدَارِ التَّوَاجُدِ فِي اِعْتِرَافِيَّ
أَنَّنِي مَابَيْنَ وَجْهك وَالنّسيمَات اإحْتَرَقَت فَرَاشَةً
رَغْمَ اِنْسِكَابِ الْعِطْرِ فِي جَسَدِ الْمَكَانِ
وَكُنْتُ أَرْقُبُ مِثْلُ غَيْرِي
لَحْظَةَ اللُّقْيَا فَأَتْبَعُهَا
لِأَعْرُفُ كَيْفَ أَكُتُب
فِي كِتَابِ الْعَاشِقِينَ قَصَائِدِي الْكُبَرِى
وَكَيْفَ أَرَاقِصُ الْكَلِمَات
فِي وَقْتِ إرْتِعَاشِ الْقَلْبِ مِنْ زَهْوِ التَّوَاجُدِ
فِي مَدَارِ حُضُورِهَا الْقَمَرِيِّ
كُنْتُ هُنَاكَ
أسْتَجِدِّي الْقَصَائِدَ أَنْ تَجِيءَ
لَعَلَّنِي يَوْمَا سَأَرْسُمُ فَوْقَ أهْدَابِ الْمَسَاءِ
وُرُودَ قَامَتِهَا
وَأَكْتُبُ أَنَّهَا كَانَتْ لَدِّيَّ
وَلَمْ يَزلْ بَيْنَ الْأَرَائِكِ عِطرُهَا
أمْرأَة وَلَا كُلُّ النِّسَاءِ تُحَرِّكُ الْأحْلَاَمَ
إن عَبَّرَتْ مِنَ التَّذْكَارِ للآتِي
لِقَامَتْهَا اِحْتِفَالَاتُ النَّخِيلِ بِهَا
وَمَوْكِبُهَا الْغَمَامَ
ضَحِكَتْ فَضَجَّ اللَّحْنُ
فِي وَترِ الْمَسَاءِ
وَلَامَسَتْ كَفَّاي ضَوْءَ بُروقِهَا
فَرَأَيْتُ كَيْفَ الْبَحْرُ وَالْأَمْطَارُ
يَلْتَقِيَانِّ عِنْدَ ضِفَافِ ضَحْكَتِهَا
وَكَيْفَ يُمَارِسُ الْعُشَّاقُ إعْلَاَنَ النُّذُورِ
وَكَيْفَ أَنِّيِّ غِبْتُ عَنْ وَعْي التَّأَكُّدِ
أَنَّنِي خَبَّأْتُ فِيهَا بَعْضَ أُغْنِيَّةٍ وَحُلْمٍ
كَانَ عَنَدِيِّ مُنْذُ مَارَسْت الْغِنَاء ولا أزال
كُنْتُ اِلْتِقَاءُ الرَّكْبِ بِالْأَحْبَابِ لَحَظَتْهَا
وَلَمْ تَكُنِ الْمَسَافَةُ بَيْنَ قَلْبِي
وَاِشْتِعَالِ الْكَوْنِ بِالْحُمَّى
سَتَكْفِي كَيْ أَعْبَأَ خَطْوَتَي سِرًّا
بِزَادِ الْهَمْسِ وَالْوَقْتَ الْمُلَائِمَ
لِلْتَبَعْثَرِ فَوْقَ هَامَاتِ التَّرَاتِيلِ
الَّتِي تُفْضِي لِمَلْحَمَةِ الْبُروقِ
وَطَفقت أَكُتُب
أَنَّ بِي مَسَّاً مَنِ الشَّجَنِ الْحِرِّيقِ
وَلَوْعَةً تَجْتَاحُ أَرْوِقَةً الْخَلَاَيَا
مَوْكِبِي قَلَمِي وَقَلْبِي
لَا أَرَى شَيْئًا سِوَى الْأحْلَاَم
تَفْتَحُ عِنْدَ بَابِ الْقَلْبِ غُرْفَتَهَا
لِأَمْضِي لإحتمالات إلتقاءِ الْمَاءِ
عُمَرِي مِنْ صَحَارَى الرَّمْلِ مَغْزُولًا
وقافِيتي عِطَاشُ الْحَرْفِ
حُزْنِي أَنَّنِي لَمْ أَلْتَقِيكَ ببدأِ أَغَنَّيْتِي
وَظَنِّي أَنَّ لَا شَيْءٌ سَيُنْجِينِي
مِنَ الشَّوْقِ الْعَوَاصِف
غَيْرَ ضَحْكَتِكَ الْعَبِيرِ
© 2024 - موقع الشعر