عطش - صباح الدين كريدي

عطش
 
تعطش الروحُ
يعطش السيد الجسد
كتاب يقع لأول مرة بين يديك
تخرجُ مبتهجاً إلى الحقول،
تخرجُ إليك من وراء الآفاق
غيمةٌ مثقلة
تعاين سَمْتَ سيرها الوئيد
وهي تفرد شعرها المطريَّ
تمتلئُ بفرح صاخب كالعصافير،
تتقدم إليك دعوةً مفتوحة على الأبد
عشتار على الباب
امرأة تتوهج بالوعود،
تتسمَّع تفتُّح مسام جلدك العطاش
وصليل روحك الذابلة ،
تتعرى كيوم ميلادك الأول
على مرتفع من الأرض
تغمض عينيك كما في صلاة
تحلم بالأشجار والزهر والأغاريد
يطول انتظارك ويطول
تنظر متوجِّساً من تحت جفنيك
تراها فوقك وهي تتجاوزك
كسفينة عابرة
تصرخ كجرذ شرس
إلى أين أيتها الغيمة المخادعة
أيتها الكلبة البغي..
 
لكنها تظل تمضي ويمضي
لا تخلِّف لك
حتى صدى من رعدها العقيم
تعود أدراجك كخرفة بالية
تحت هذا الليل البهيم
عارياً
هاذياً
كالمجانين...
 
****
© 2024 - موقع الشعر