بعدَ الرِّي - شريفة السيد

بعدَ الرِّيّ
ربيعُكَ حِينَ أتَى في خريفي

أفاض بعمري الذي غرَّدا
وراحَ يُقبّلُ وجهي برفقٍ

يحطَّ على وجنتَيْهِ النَّدَى
فيرسمُ فوق الجبينِ غُصونًا

تعششُ فيها طيورُ الهُدَى
وشَعري تدلَّى يُراقصُ جِيدِي

وقيثارُ قلبي لِعُودي شدَا
ورهبانُ قدِّي إلى النبع طاروا

جياعًا وعطشَى لماءٍ بدَا
***

فقد كُنتُ قبل ربيعكَ قفرًا
ضلالاً ووهمًا وصَمتًا رَدَى

وصرتُ بهمسكَ كالأقحوانِ
عبيري يُعطِّرُ هذا المَدَى

وأصبحتُ آخرَ نُقطةِ ضوءٍ
بغير وجودك لن تُوجَدا

وغبتُ عن الصَّرفِ عند النُحاةِ
فلا خبرٌ لي ولا مُبتدا

فكيف استبحتَ لنفسكَ ذُلِّي
ولمْ أُنكر الفَضْلَ،،، والسيّدا

***
وكيف ارتضيتَ الشقاءَ لقلبٍ

لغيركَ ليس يمدُّ اليدا
أنا الشوق يُزكَى صباحًا مساءً

لهيبًا تلظَّى.. ولن يبرُدا
تمِنَيتُ لو في هواكَ أكونُ

مليكةَ عرشٍ.... إليك اهتدَى
غزالاً رقيقًا.. بوادٍ وسيعٍ

تغارُ الغزالاتُ.... إن عربدا
فراشاتُ فردوسكَ السابحاتُ

تحطمِّ في خَصريَ المِقوَدا
وزهرُ البنفسجِ في راحتَيكَ

يدثِّرُ قلبي.. الذي أُجهِدَا
لِمَ الصَّدُ يا من أعادَ ارتوائي

وشَيَّدَ في النَّفس ما شيَّدا
***

وكيفَ إذا صاحَ فينا صباحٌ
فلا يجدُ الرَّوض والمَعبَدا

وكيفَ إذا الليلُ نادَى علينا
تضيعُ النداءاتُ مِنا سُدَى

وإنْ ردَّد القَلْب يومًا لُغاكَ
فليس يعودُ بغير الصَّدَى

لو الريحُ تُفلتُ مِني الزِّمامَ
فماذا تبقَّى لِعرْشِي غدًا

أنا صفحةُ الماءِ نارٌ ونورٌ
إذا غبتَ عنه فلن يُنشدا

أنا نخلةُ التَّمر فاصعَد لِتَمرِي
وليس لغيركَ أن يصعدا

***
شعر / شريفة السيد

من ديوان صهيل العشق / دار قباء / 1998 / مصر
مع أجمل وأرق الأمنيات

شريفة
© 2024 - موقع الشعر