قصة قصيرة (الربيع والشرنقة)

لـ أحمد بن محمد حنّان، ، في روايات وقصص، آخر تحديث

قصة قصيرة (الربيع والشرنقة) - أحمد بن محمد حنّان

كانت رغم فقدانها لأمها ومكوثها في شرنقتها دون الخروج منها تحب الربيع كثيرًا ولكن المسكينة كانت تخاف النضوج والطيران، فلقد قام والدها بتحذيرها من عواقب خروجها من شرنقتها.
"لا تلوموه كثيرًا فلقد كان محقاً فخيوط العنكبوت ونبات التنين الأحمر يحيط بكل شئ في بستانهم".
وفي يومٍ من الأيام جاء إليها شاباً من فصيلتها وسألها:
لماذا لا تخرجين من شرنقتك ؟!
فأنتِ جميلة وكبرت بما فيه الكفاية،
فأخبرته تلك الحسناء بالسبب.
فقال لها :
تعالي إلى بستاني ففيه لا يوجد تلك المخلوقات التي تخافينها، ففرحت كثيرًا عندما سمعت كلامه الجميل والمطمئن وخرجت تلك الفراشة الجميلة من شرنقتها لتذهب مع صديقها إلى ذلك البستان الجميل؛
وأمضيا سنة كاملة في فرح واطمئنان، وكانت في كل مساء ترجع إلى شرنقتها لكي لا تغضب أبيها من نضوجها الفطري، وفي الصباح الباكر تذهب مع صديقها إلى بستانه الجميل والأمن؛ وبعد العام بأيامٍ قليلة عندما أرادت العودة في المساء كعادتها إلى شرنقتها لم تستطع تلك الفراشة الدخول فيها مرة أخرى لأنها قد كبرت وزاد حجمها فخافت من غضب أبيها وقررت الذهاب مع صديقها إلى بستانه دون عودة.
فلما عاد والدها في المساء بعد أن قضى وقتاً ممتعاً بالطيران مع رفاقه ورفيقاته وجد الشرنقة فارغة وابنته ليست بجوارها، فجن جنونه وقام بالبحث عنها حتى وجدها تمرح مع صديقها في ذلك البستان.
فقال لها :
ألم أقل لكِ أن لا تخرجي من شرنقتك أيتها الشقية ؟
فقالت له :
ولكن يا أبي هنا لا يوجد ما أخافه وتخافه علي فدعني ألهو وألعب مع صديقي الحميم،
فرفض والدها إلا أن يأخذها معه ليدخلها إلى شرنقتها ويرغمها على أكل الأوراق الخضراء مرةً أخرى؛
وعندما رأى بأن أجنحتها تحول بينها وبين دخولها الشرنقة قام بقصها ليدخلها فيها،
فماتت تلك المسكينة من الجوع والخوف في ذلك البستان ووالدها يظن بأن صديقها قد قام بإلقاء تعويذة سحرية على ابنته المسكينة.
 
ورغم كل ماجرى لتلك الفراشة المسكينة إلا إن الحياة أحياناً تحتم علينا اغتصاب الحقيقة بالأكاذيب وهتك حرمتها، والصواب يجعلنا نقتل السعادة في رحم الجنون لكي يستطيع الواقع أن يحمل بطفلٍ يكون يتيم الأبوين عند الولادة.
 
19/5/2021
© 2024 - موقع الشعر