رَحِيلُ الْحَنَانِ - أشرف السيد الصباغ

الشَّوْقُ يَبْكِي وَالْفُؤَادُ تَأَثَّرَا
وَالْكَوْنُ بَاتَ بِحُزْنِهِ مُتَدَثِّرَا

قَالُوا: تُوُفِّيَ، قُلْتُ: مَنْ ذَا يَا تُرَى؟
قَالُوا: الْحَنَانُ، فَسَالَ قَلْبِي أَنْهُرَا

وَتَجَمَّعَتْ سُحُبُ الْغَمَامِ لِتَرْتَوِي
مِنْ نَبْعِكَ الْفَيَّاضِ حَتَّى تُمْطِرَا

مَا زَالَ طَيْفُكَ لِلْعُيُونِ مُصَاحِبًا
مَا زَالَ ذِكْرُكَ لِلْفُؤَادِ مُعَطِّرَا

للهِ دَرُّكَ مِنْ أَبٍ عَزَمَاتُهُ
لَا تَنْحَنِي رَغْمَ الصِّعَابِ تَصَبُّرَا

تَكْفِيكَ مِنْ لُجَجِ الْحَيَاةِ لُقَيْمَةٌ
وَجَبِينُكَ الوَضَّاءُ يَقْطُرُ مُثْمِرَا

وَحَبَاكَ رَبِّي مُقْلَةً رَقْرَاقَةً
تَسْقِي الصُّخُورَ الصُّمَّ دَمْعًا أَخْضَرَا

وَإِذَا تَفَاخَرَتِ الْمَكَارِمُ فِي الْوَرَى
فَبِخَيْرِ صِهْرٍ حُقَّ لِي أَنْ أَفْخَرَا

أَهْدَيْتَنِي مِنْ نَبْضِ رُوحِكَ مُهْجَةً
صَبَغَتْ حَيَاتِي بَعْدَ بُؤْسٍ عَنْبَرَا

أَنْتَ الَّذِي أَنْفَقْتَ عُمْرَكَ حَارِسًا
لِلْمَكْرُمَاتِ، فَكُنْتَ رَوْضًا مُزْهِرَا

لَمَّا أَتَاكَ السُّقْمُ فِي ثَوْبِ الرَّدَى
عَانَقْتَهُ مُتَهَلِّلًا كَيْ تُؤْجَرَا

وَفَقَدْتَ رُكْنًا كَانَ أُنْسَكَ فِي الدُّنَا
لِتَغِيبَ عَنْ وَعْيٍ وَصَمْتُكَ أَخْبَرَا

فَتَحُفُّكَ الْأَغْصَانُ تَدْعُو بِالشِّفَا
وَأَكُفُّهَا تَحْنُو كَصُبْحٍ أَسْفَرَا

أَنْتَ الَّذِي تَبْكِي الدِّيَارُ رَحِيلَهُ
أَيَكُونُ عِيدٌ بَعْدَ فَقْدِكَ مُقْمِرَا؟

وَسَرِيرُكَ الْمَحْزُونُ أَجْهَشَ بِالْبُكَا
وَصَّى بِجُثْمَانِ الْوَفَا بَطْنَ الثَّرَى

صَفَحَاتُ عُمْرِكَ مَا تَزَالُ مُضِيئَةً
وَيَمُوجُ بَحْرُ الذِّكْرَيَاتِ إِذَا جَرَى

مَا بَالُ قَلْبِي فِي الْقَصِيدِ مُبَعْثَرًا
وَأَنِينُ دَمْعِي فِي الرِّثَاءِ تَحَدَّرَا

إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَنَالَ شَفَاعَةً
فِيهَا الرِّضَا يَوْمَ الْقَضَا مُسْتَبْشِرَا

وَاجْمَعْ إِلَهِي بَيْنَ أَرْوَاحِ النَّدَى
فِي جَنَّةٍ، وَاسْقِ الْأَحِبَّةَ كَوْثَرَا

رثاء/ أشرف السيد الصباغ
© 2024 - موقع الشعر