باب الصف بمدرسة الهادي - محفوظ فرج

رحلتْ قيثارةُ عنّي
من غيرِ سوابق إنذار
رزمتْ كلَّ حقائِبِها
في طرفةٍ عينٍ وتلاشتْ
مثلَ تلاشي البَرَدِ النازلِ
من مزنةِ آذار
لم تسألْ عنّي
لم تسألْ عَمّا دارَ على شاطئِ
عهدِ الحبِّ من الأشعار
لم تدرِ بأنَّ تنائيها عنّي
كتنائي الألفةِ عن حارتِنا
لم تدرِ بأنَّ بعادي عن أحبابي
كبعادي عن نخلتِنا وحنيني
للواجهةِِ الممتدةِ من بابِ الدار
رحلتْ قيثارةُ من سكنتْ روحي
في أدراجِ أغانيها المختارة
مذ ناجتني في حرفٍ عشقتْهُ
لباناتي المأمونة بالأسرار
قالتْ لي يوماً : لا يمكنُ أنْ نتَفَرَّقَ
ما دام الحبُّ تحرَّرَ من جسدينا
واختارَ الأجنحةَ النورانيةَ رفرفَ
في أروقةِ التوحيد
ولكنَّ الأقدار
فعلتْ فعلتها فذكرتُ لها
كيفَ تَخِذْنا غيمَ الجبلِ
الأخضرِ مركبَنا ثم انحدرَ مزهوّاً
في البحرِ الأبيض
في ساحلِ سوسة الليبية
قلت لها : يا قيثارةُ
لكِ أنْ تبتعدي
وتُجافي لكنْ لا تسطيعينَ
بأنْ تَجْتَثِّي حبَّكِ من قلبي
كيفَ لقلبي أنْ ينسى أو يتناسى
الدربَ الواصلَ من حارتنا
حتى مدخلِ بابِ الصفِّ بمدرسةِ
الهادي
كيفَ لهُ أن ينسى
عشَّ البلبلِ فوقَ أعالي
نارنجتِنا وهو يغرِّدُ تحنانا للأفراخِ
بصوتٍ مدرار
© 2024 - موقع الشعر