رؤيا - فريد مرازقة القيسي

رُؤيا...
 
أَيْقَنْتُ أَنِّيَ فِي القَرِيضِ مُدَانُ
وَفَهِمْتُ أَنْ لَنْ يَفْقَهَ الإنْسَانُ
 
وَعَرَفْتُ أَنَّ العُمْرَ مَحْضُ تَوَهُّمٍ
يَمْحُوهُ مِنْ بَعْدِ الحَيَاةِ زَمَانُ
 
سَنَعِيشُ نَركُضُ خَلفَ كلِّ تفاهَةٍ
لِيَفُوقَنَا فِي رَكْضِنَا الحَيَوَانُ
 
نَبْقَى نُسَائِلُ أَسْوَدًا عنْ لَوْنِهِ
فَتُجِيبُنَا فِي صَمتِهَا الأَلْوَانُ
 
أفكَارُنَا تَبْقَى تُكَافِحُ سِجْنَهَا
يَحْيَا عَلَى عَبَراتِهَا السَّجَّانُ
 
نَرْثِي الزَّمَانَ وَ شِعْرُنَا أَبْياتُهُ
قَدْ لَا يَقُومُ لِحُزْنِهَا بُنْيَانُ
 
كَصرَاخِ صَخْرٍ سطحُهُ مُتَشَقِّقٌ
دَاسَتْهُ حِينَ عُبُورِهَا القُطْعَانُ
 
أَوْ شَمْعِ لَيْلٍ يَحْتَفِي بِلهيبِهِ
لَمْ يَدْرِ أَنَّ مَصِيرَهُ الذَّوَبَانُ
 
هَذِي الحَيَاةُ عَنِ الرِّجالِ غَنِيَّةٌ
وَ الفَحْلُ فِيهَا بِالنُّفُوذِ يُهَانُ
 
فَتَرَى الخَسيسَ بِهَا يَعِيشُ مُنَعَّمًا
وَ تَرَى الأَصِيلَ بِفَقْرِهِ يَزْدَانُ
 
حَتَّى الفُحُولَةُ قَدْ غَدَا مِعْيَارُهَا
مَا فِي الجُيُوبِ وَصَوْتُهُ الرَّنَّانُ
 
هَذِي الحقِيقَةُ، إنَّنَا كَقَصَائِدٍ
فِي دُرْجِهَا وَمَصِيرُهَا النِّسْيَانُ
 
لَا تبْتَئِسْ! فَحيَاتُنَا تَمْضِي سُدًى
مَهْمَا فَعَلْنَا، مَوْتُنَا عُنْوَانُ
 
لَا لَنْ تُفِيدَ صَرَاحَةٌ حينَ الرَّدَى
إنَّ الصَّرِيحَ بِعَصْرِنَا فَتَّانُ
 
أُمَنَاءُ قَوْمٍ لَا صَدًى لِكَلامِهِمْ
آذانُهُمْ يَحظى بهَا الخَوَّانُ
 
يَا ويلَ قَوْمٍ لَا يَرونَ عَزِيزَهُمْ
وَلئيمُهُمْ بِنِفَاقِهِ فَنَّانُ
 
مَسِّحْ دموعَكَ لَا انتصارَ لأمَّةٍ
يَطْغَى علَيْهَا الزُّورُ وَالبُهْتَانُ
 
(قَدِّمْ تَنَلْ ...) قِيلَتْ بِعَصْرِ مَكَارِمِ
الأَخْلاقِ حينَ تَحقَّقَ الإيمَانُ
 
العَصْرُ ذَا... عَصْرُ انكِسَارِ فُحُولِهِ
لَكِنْ سيَبْقَى المَوْتُ وَالقُرْآنُ
 
نَمْضِي وَتَمْضِي كَالسَّرَابِ حَيَاتُنَا
وَمَصِيرُنَا التَغْسِيلُ وَالكَتَّانُ
 
فريد مرازقة
© 2024 - موقع الشعر