الْحِكَايةَ - عبد الله جعفر محمد

وَجَلَسَتُ أَرَقَبُ خَلْفَ نَافِذَتِي الْحِكَايَة
فَرَأَيْتُ أَشِجَارًا تسِيرُ
وَنِسْوَةً يَغْزِلْنَ تَحْتَ ظِلَالِهَا ثَوْبًا لِعُرْسٍ
قَدْ يجيء غَدَا مَعَ الْأَمْطَارِ أَوْ قَدْ لَا يَجِيء
الْكَلّ يَمْضِي نَحو أَوْ يَأْتِي إِلَى
وَالْكَوْنُ يَبْحَثُ عَنْ لَقَاحٍ
ضِدَّ فِيرُوسِ الْحَقِيقَةِ
كَيْ يَنَامَ عَلى سَرَابِ الْوَقْتِ مَشْلُولًا
لِيَحْلَمَ بانقضاء الْمَوْتِ فِي عَامٍ
سَيَأْتِي رُبَّمَا بَعْدَ الرَّمَادِ
وَرُبَّمَا بَعْدَ اِرْتِفَاعِ الشَّمْسِ مِقْدَارَ التقاء النَّاس
سِرًّا بِالْبِشَارَاتِ السرَاب
وَطَفِقَتُ أَنَظر كرَّةً أُخرى
رَأَيْتُ الكُلَّ يَزْدَحِمُونَ حَوْلَ النَّارِ خَوْفَ الْبَرْدِ
يَعْتَصِمُونَ ضِدَّ الْبَرْدِ خَوْفَ الْمَوْتِ
يَحْتَفِلُونَ حِينَ الْمَوْت
مِنْ خَوْفٍ عَلى مَوْتِ الْحِكَايَة
بَعْضَهُمْ يَأْتِي الِيّ مِنَ الْمَوَاعِيدِ
الَّتِي مَا أَزْهَرَتْ يَوْمَاً لِقَاءَ
وَبَعْضَهُمْ يَمْضِي
كَخَيْطِ الضَّوْءِ حَيْثُ اللَّا رُجُوع
وَجُلّهُمْ يَأْتِي كَجُرْحٍ ضِدّ ذَاكِرَتِي
وَيَسْقُطُ مِثْل خَاطِرَةٍ عَلى جَسَدِ الْحِكَايَة
وَرَأَيْتُ طَيْرًا دُونَ أجْنِحَةٍ يَطِيرُ
وَقُرْبَهُ قَمرٌ يُقَاتِلُهُ السَّحَابُ
وَنَجْمَةً تعْبَى وَبرقاً لَا يُضِيءُ
وَلَيْلَةً عَمْيَاءَ تَمْشِي ضِدّ خَاتِمَةِ الشُّرُوق
رَأَيْتُ بعْضي خَلْفَ نَافِذَتِي
وَظِلِّيّ تَحْتَ ثَوْبِ اللَّيْلِ
ملْقَيًا بِقَارِعَةِ الطَّرِيقِ
وَلَمْ يَكُنْ حلْمَاً
رَأَيْتُ الضَّوْءَ خَلْفَ اللَّيْلِ مَسْجُونًا
وَبَعْضي هُدْهُدٌ مِنْ خَارِجِ اللَّا وَعَي
يَأْتِينِي بِأَنْبَاءِ التَّفَاصِيلِ الدَّقيقَةِ لِلْحِكَايَة
لَمْ يَكُنْ حلْمَاً
نَظَرَتُ هُنَاكَ قُرْب النَّيْلِ
كَوْكَبَةً مِنَ الَا قمَارِ
كَانُوا ثُلَّةَ الشُّهَدَاءِ
مَلْبَسَهُمْ حَرِيرُ الْمَاءِ
كَانُوا أَنْقِيَاءَ الْأرْضِ
يَفْتَرِشُونَ ذَاكِرَةَ النِّسَاءِ
وَيَنْشُدُونَ :
(أوَ كُلَّمَا نَبتَتْ بِسَطْحِ الأرضِ
زَهْرَاتٌ سَيَقْطُفُهَا تَنَابُلَةُ السِّيَاسَةِ
وَالْعَسَاكِر وَاللُّصُوص الْمُتْرَفونَ؟)
فَرَأَيْتُ أحلاماً مِنَ الضَّحِكِ
الْمُلَوَّثِ بِالْعَسَاكِرِ وَالتَّنَابُلَةِ اللِّئَام
رَأَيْتُ جُرْحَ الْأرْضِ مَفْتُوحًا
على ملْحِ اِحْتِقَانِ الدَّمْعِ فِي مُقلِ النِّسَاءِ
وَرَغْبَة الْفُقَرَاءِ فِي الْمَوْتِ الْكَرِيمِ
وَرَغَّبْتِي فِي النَّوْمِ كَيِ أصحو
لِأَنْظُر كَيْفَ تُبْتَدَأُ الْحِكَايَة
© 2024 - موقع الشعر