عطر وقبر - محمد شايع العسكر

أنَا لِازلْتُ أَذْكُرُ ماضِيَاتِي
وَمُكْثِي كُلَّ لَيْلٍٍ قَرُبَ ذَاتِي

فَكَمْ أَطْرَقْتُ بَيْنَ الْوَرْدِ حِيْنَا
فَأُسْحَرُ بِالْوُرُودِ الثَّائِرَاتِ

شَكَوْتُ إلَى النُّجُومِ سَرَابَ حُلْمِي
وَإِطْفَاء اللَّآلِئِ فِي حَيَاتِي

وَكُلُّّ حمَائِمِي الْبَيْضَاءَ تَرْنُو
إلَى تَعَبً يُطِّلُّ بِأُغْنِيَاتِي

فَوادِي اللَّيْلِ أَثْمَلَ كُلَّ صَوْتٍ
ولَا صَوْتًا سِوَى صَوْتِ السُّبَاتِ

تَرَكْتُ لها مَوَاقِيتِي وَدَرْسِي
تَرَكْتُ . . تَرَكْتُُ حَتَّى وَاجِبَاتِي

مُعَادَلَةُ الْحِسَابِ بِكُلّ يُسْرٍ
تُحَلُّ بِمَنْطِقٍ وَمُسَلَّمَاتِ

وَفِي ذَاتِي مُعَادَلَةٌ ولَيْسَتْ
مَسْلَمَةٌ لِحِلِّ مُعَادَلَاتِي

وَبِي ظَمَأٌ وَلَا يَرْوِيهِ غَيْمٌ
فَوَيْلٌ لِلْغَمَامَةِ وَالْفُرَاتِ

يَمُرّ الدَّهْرُ مَا تَيَّمْتُ أَرْضَا
وَلَمْ أحْفَلْ بِغَمْزِ الْخَارِطَاتِ

وَإِنْ يَوْمًا شَرَدْتُ بِحِضْنِ سُوْءٍ
وَغَرَّرَنِي الزَّمَانُ بِشَارِدَاتِي

فَلَا حَيِّيْتَ مِنْ زَمَنٍ غَريْرٍ
عَلَى سَفَهٍ تُبَارَك سَيِّئَاتِي

تَرَى ظُلْمًا فَتَنْعَتُهُ بِحَقٍ
وَإِنْ حَقًّا فَعَتْمِ المُظْلِمَاتِ

وَتَزْعُمُ أَنْ ستقطعَ كُلَّ وَرْدٍ
إذَا أَنْشَدْتُ فِي دَمِ مُفْرَدَاتِ

قُتِلْتُ،فَلَيْسَ مِنْ قَبْرٍ لِزَهْري
يَلُِمُّ الزَّهْرَ مِنْ قَهْرِ الشَّتَاتِ

حُرِمْتُ،فَلَمْ يَعُدْ عِطْرٌ لَآوِي
إلَيْه أَعَبُّ قُدْسَ تَبَتُلَاتِي

سَلَامُ اللَّهِ يَا زَمَنٌ عَلَيْهَا
وَلَيْسَ عَلَيْك يَا زَمَنَ الغُثَاةِ

وإِنْ قَطَعُوا الْوُرُودَ فَإِنَّ بَوحَا
سَيَبْقَى لِلْوُرُودِ الْخَالِدَاتِ

© 2024 - موقع الشعر