وَقَفَ الحسين - حسن الجزائري

وَقَفَ الحسينُ على الثرى يَتأمَّلُ
جُثَثاً هَوَتْ فَوقَ البَسيطةِ قُتِّلوا

نادى فَلَمْ يَلْقَ الجَّوابَ لِنُصرَةٍ
وَهوى على التُّربِ المُخَضَّبِ يَسألُ

أ تُرابُ أينَ أحبَّتي؟ أَ لَمِسْتَهُمْ؟
أينَ الكفيلُ لِزينبٍ مَنْ يَكفُلُ؟

أينَ الضَّياغِمُ لا أرى لِقوامِهِمْ
إلّا الاسنّةَ في الحشا تَتَخلَّلُ

أَوَلَمْ أقُلْ يا صُحْبَتي في لَيلِكُمْ
فُروا فَعَنْ مَوتي ظَلامٌ يَفصِلُ

فَبُعِثتُ مِنْ رَبِّي رَسولاً فيكُمُ
هي ساعَةٌ وَيَموتُ حتَّى المُرسَلُ

فَمَشى الأبيُّ وذو الفِقارِ بِكفِّهِ
وَبِربِّ أحمَدَ جَدِّهِ يَتَوكَّلُ

فأَتَتْهُ زَيْنَبُ بالجَّوادِ وإنَّها
جَعَلَتْهُ يُظْهِرُ صَدرَهُ فتُقَبِّلُ

صَدرَاً عَلَيهِ الخلقُ تلطِمُ صدرَها
حُزْنَاً لِمَنْ بِدِمائِهِ مُتَجَدِّلُ

رَمَقَ الفُراتَ وعُذرهُ بِوَداعِ مَنْ
بِوداعِهِ أيّوبُ لا يَتَحَمَّلُ

دَخَلَ النِّزالَ وَرِيثُ حَيدرَ مُفْرَداً
والمَوتُ أصْبَحَ كَالنَّدى هو يَهْمِلُ

سَقَطَ الحُسينُ وَتِلْكَ آخِرُ قِصَّةٍ
تُتْلى وَرَأسُ السِّبْطِ ذاكَ يُرَتِّلُ

أَينَ الرَّسولُ عَنْ الطّفوفِ وفاطِمٌ
أَينَ الَّذي بِفَقارهِ يَتَرَجَّلُ

أَينَ ابنُ أُمِّيَ هَلْ يُشَيِّعُ في الفَلا
جِسْماً هَوى وَمِنَ الدِّماءِ يُغَسَّلُ

قُمْ مِنْ بَقيعِكَ كَي أراكَ بِكَربَلا
وِبِكَ العُيونُ مِنَ اللِّقا تَتَكَحَّلُ

سَاءَ الزَّمانُ بِنا وَفُرِّقَ شَمْلُنا
في نينوى جسمي تراهُ يُعَلَّلُ

قَطَعَ التُّرابُ وِصالَنا فَبِطِيبَةٍ
عِنْدَ النَّبِيِّ وِصالُنا هو يُوصَلُ

فَلَأشْكينَّكَ يا تُرابُ لِخالِقي
فَأحبَّتي مِنْ دُونِ دَفنٍ أُهْمِلوا

وَلأشْكِينَّ المَوتَ عِنْدَ مَلِيكِهِ
وأسيلُ دَمْعي لِلَّذي هو يُثْكَلُ

ما ماتَ مَنْ بِأَبيهِ أُكْمِلَ دِينُنا
وَبِجَدِّهِ دِيْنُ الإلهِ مُكَمَّلُ

ما ماتَ حَقٌ إذْ يُسارُ بِهِ وَلا
عَجَزَتْ شَجاعَةُ قَتْلَ مَنْ هو يَجْهَلُ

فَعَجِبْتُ لِلدُّنيا وَقَدْ غَدَرَتْ لِمَنْ
لَولاهُ ما خُلِقَتْ ولا هي تُكْمَلُ

أدرَكتُ أنَّ اللهَ يَفْعَلُ إِنْ يَقُلْ
لِلشِّيءِ كُنْ فاللهُ حَتْمَاً يَفْعَلُ

وقف الحسين | الشاعر المهندس #حسن_الجزائري
© 2024 - موقع الشعر