عـن كل بلقيس (إهداء لأميرة الشعراء د. عناية أخضر)/ شعر: صالح عبده الآنسي - صالح عبده إسماعيل الآنسي

ها قد أتيتُ أَنوءُ من صنعاءِ
بالفُلِّ، والريحانِ، والحِناءِ

أُهديكِ يا بنتَ الكرامِ تحيَّةً
عن كلَ بلقيسٍ تركتُ ورائي

عنها، وعنَّا يا أُخَيَّةُ، إنها
يمنيَّةُ التحبيرِ، والإمضاءِ

أُختاهُ يا نهرَ العروبَةِ في دمي
يجري بأوردتي بكلِ نقاءِ

في (صور)، في (النبطيةِ) الفيحا
وفي (تِبنينِ) حيثُ القلعةِ الشمَّاءِ

في كلِّ شبرٍ في الجنوبِ هَمَى بهِ
من غيمِكِ الهَتَّانِ سيلُ عطاءِ

لولاكِ في تلكَ الربوعَ لأقفرت
مما بها من نهضةٍ ونماءِ

يا فخرَ لبنان الجنوبِ، ومن بهِ
تسمو مناقِبُها إلى الجوزاءِ

ما زالَ في رَفِّ الزمانِ حكايةٌ
يوماً سيرويها على الأبناءِ

عنكِ، وما سطَرتِ في ماضٍ بهِ
من عِزَّةٍ، وكرامةٍ، وإِباءِ

عن ربَّةِ الحُسنِ المَصُونِ، وطهرِها
عن سِبطِ فاطِمَةٍ، عنِ الزهرَاءِ

أُختاهُ: ماذا قد يقولُ شويعِرُ
قد كان عن شطِّ القصيدةِ نائي؟!

عن كل أنثى للعروبةِ تنتمي
عن كلِ مُسلمَةٍ، عنِ الخنساءِ؟!

عن زوجِهِ، عن بنتِهِ، عن أُختِهِ
عنكِ، وعن بلقيس، عن حَوَّاءِ؟!

أحتاجُها قربي كشربةِ مائي
تجري بشرياني كسيرِ دمائى

أحتاجُها شمسي أرى أنوارَها
فجراً لعيني، يجتلي ظلمائي

أحتاجُها وردي، وعطري، روضتي
أحتاجُها بدري، ونجمَ سمائي

يحتاجُها قلبي، تُوالي نبضَهُ
كفَّاً تُواسيني، تُزيلُ عنائي

تحتاجُها وحياً حروفُ قصيدتي
مِعراجُ فكري، مُنتهى إسرائي

أحتاجُها نصفي، وشطرَ الروحِ بي
لا لستُ أحيا دونَها حَوَّائي

قالوا، وقالوا، أكثروا في أمرِها
جَدَلاً، أثاروا ريحها الهوجاءِ

قالوا: هيَ الإغراءُ؛ فاحذرها تكن
في مأمَنٍ عن فِتنةِ الإغراءِ!

قالوا: هيَ الشيطانُ تنصِبُ شركَها
بل فاقتِ الشيطانَ في الإغواءِ!

من خبثِهِم لم يرمِقوا منها سِوَى
مسِّ الحريرِ بقامةٍ فرعاءِ

لم يعرفوا عنها سِوَى كم أنها
فتانةُ القسماتِ والأنداءِ

كم أمطروا تلكَ المفاتن بالثنا
خُبثاً أطالوا الرمقَ، لا الإغضاءِ؟!

يا قومُ: عفوا؛ كي تعفَّ نساؤكم
لا تصنعوها دَميَةَ الإطراءِ!

لا تنفخوا في رَوعِها - قارورتي
زهوَ الجمالِ، الميلَ للإخناءِ

لا تجعلوا جُلّ اهتمامٍ منها في
المَكياجِ، والفُستانِ، والإرضاءِ

إنسانةٌ هيَ مثلُنا، لا تُرخِصوا
أغلى الغوالي في رِضى الأهواءِ

ما خصَّها الرحمنُ فيضَ ملاحةٍ
إِلَّا ليُصلِحَ حُسنُها شنعائي

كيما تُكمِّلَّ ناقصي بكمالِها
كيما يُلملمَ لُطفُها أشلائي

جاءت لتُوهِبُني الحياةَ؛ فكيفَ لي
أن أزدري من سببت إحيائي؟!

ما عَابها إذ أنَّها (أُنثى) لها
سِتَراً يُوَاريها عنِ الغَوغَاءِ

أو أنها دوماً بَدَت في حُلَّةٍ
تسمو بها في أَعيُنِ الشرفاءِ

يرتدُ عنها كُلُّ طرفٍ خَانِعٍ
من لا يرى فيها سِوَى الحسناءِ!

شعر: صالح عبده الآنسي

مناسبة القصيدة

من نصوص مشاركتي بديوان شعر (جنوبية من أرضِ العطاء) الصادر عن دار الأمير ببيروت للشاعرة والكاتبة الجنوبية اللبنانية عـناية أخـضـر
© 2024 - موقع الشعر