الحكيم الرابع - حسن شرف المرتضى

كانَ يرنو إليهِ مقهى المغارهْ
يجتدي نادلًا يصبُّ الإثارهْ

في ضجيجِ الضّبابِ يتلو قصيداً:
كمْ تغافى الأميرُ دونَ الإمارهْ

وزبونٌ يهذي هناكَ زميلٌ
لمْ يُصَفّقْ لمآتمٍ في العبارهْ!

حفلةُ الزّقِّ تنتهي أينَ كأسي؟
والشّروقُ احتساهُ وجهُ المنارهْ؟! .

. صارَ يرنو إليهِ مقهى ومشفى
بائعُ الطّبِ قالَ: هبْ لي المهارهْ

:كُنْ مريضاً لترتجي دعمَ غرّ
وتَمارَضْ ببابِ كلِ سِفارهٍ

وتسوّلْ من الصّباحِ عَشَاء
واستدنْ قيمَةَ الغداءِ بجارهْ

ذاك يكفي, لا زالَ عندي اشتياقٌ
للتّشظّي على فُنونِ الحقارهْ

بعْ ذراعاً, واستنسخ القلبَ وجهاً
لِمَلاكٍ تجيدُ غَزْلَ التجارهْ

واشربِ الشايَ وسطَ مقهى المآسي
وتعرّق عصير عصر الحجارهْ .

. باتَ يرنو إليه مقهى بمبغى
وبغيٌّ تريدُ أنقى استشارهْ

قالَ كوني لعاشقِ الّلّيلِ عمّا
وأعيدي لهُ احتلامَ البكارهْ ً

كيفَ هذا ولي عشيقٌ خصيٌّ؟
وأنا ما امتلكتُ يوماً حرارهْ

كلُ ذنبي على المقاهي وبَوْحِي
بغرامي, أذاكَ يُدعى دعارهْ؟؟

مُنذُ دهرٍ وضفّتي كانَ قلبي
كانَ مثلي, بضّفةٍ مستعارهْ

اثقبي ضفتيه ثم اشتريها
فالشّواطي على البحارِ مُثارهْْ .

. كانَ مقهى القلوبِ من غيرِ شايٍ
الملايينُ فيهِ تطهو الحضارهْ

أضرموا ثلجَهم وهاموا انتظارا
فمن الثلج يرقبون الإنارهْ

قالَ :عجلى... إلى الحلولِ استبقتم
ليسَ تأتي بلا غيوثٍ غضارهْ

إنما النّضجُ في المراحلِ يُذكي
وُترجّى السّماءُ خلفَ الستارهْ .

. كانَ مقهى فيه انتظارُ طلولٍ
أجّلتها إلى المُحالِ الخسارهْ

مثلُ صخرٍ لديهِ لغز الأماني
معول الغيب لا يفك حصارهْ

إن ريحٍاً على خُيولٍ تُغنّي
تمسك الغيب رقّّصَتْهُا المرارهْ

إنّ قبطان دفة البحر غاف
ولدى كهفه أنام قطارهْ

قالَ مقهى القلوبِ...كلّا ولكنْ:
منذُ دهرٍ ولمْ تَصِلْهُ الإشاره!!

© 2024 - موقع الشعر