الموتُ يأسًا - ليث موسى حسين

يأس - نصّ
 
منذُ فَتَحْتُ نافِذةَ الدُخانِ على رئتي
وقلتُ أهلاً بالقارِ
وصارَ ظِلّي واضحاً كاخْتِمارِ الحَيْرَةِ
وهذا الوطنُ العربيُّ المُتبَّلُ بحرفِ القافِ وحرفِ الميمِ وحرفِ العينِ
نفَقٌ
نفَقٌ
في المَدخَلِ لافتةٌ تهذي: أهلاً بالكِرامِ
وشرطيٌّ يبحث في ثنايا الروحِ عن شيءٍ يشبهُ الآهةَ
وانا الذي اغنيتي لازمةً واحدةْ
آه ه ه ه ه ه
لاشيءَ غيرَ صدى الآهِ
يكنسُ العافيةَ الهامِدةْ
دَعوني أصارِحُكُمْ
بما جَنَتهُ الروحُ في زمنِ الكِلسِ هذا..
حيثُ غابَ الأنبياءُ وارْتحلوا عنّا بعيدا
وَلِيزرَعوا الطِّيبَ في صحراءَ أخرى
ولكنْ عنّا بعيدا
وما عادت قوافلنا
لا ناي ولا إبلُ
ولا قيثارةٌ في بُستانِ أهلي
وَأهلي أول من نحت الحضارةَ كَهفًا ونارْ
وأهلي أوَّلَ من علَّمَ الغاباتِ غناءَ الجُلَّنارْ
 
في ليلةٍ موحِشَةٍ
اتلوّى بين جمرِ الكلامِ وحيدًا كموتِ الصبّارِ
ياااااا
قاموسَ المُحيطِ
منْ أينَ لي لغةٌ كي أمنحَ هذا اللغوَ وَهْمًا
منْ أينَ لي لغةٌ كيْ أوهِمَ هذا اللغوَ مَنْحًا
مُدُنُ الرَّمادِ تلُفُّ سَطوَتَها
وتُرَقِّصُ فينا لُعبة َ الخُبزِ القديمهْ
مدُنُ الرمادِ تُحيكُ هيبتها
مِمّا تَيَسَّر من غبارِ الأحزابِ الهجينهْ
 
 
يا مَلَكًا مُولَعًا بآياتِ الموتِ تمهَّلْ
لأُنشِدَ:
مَرحى بالخازوقِ وبالطّاعونِ وبالتابوتِ مرحى
مَرحى بالحجّاجِ مَرحى
مَرحى بغبارِ الكلسِ مَرحى
مَرحى للطابورِ مَرحى
مَرحى لسفيهٍ يفترشُ السادةَ ليلَ نهارَ مَرحى
مَرحى بالثفَلِ الساقطِ شعرًا
مَرحى بالكتبِ المدهونةِ نِفطًا
مَرحى لنعيقِ البومِ
مَرحى لإفولِ النجمِ
مَرحى لشعوبٍ تتقهقَرْ
مَرحى لرؤسٍ تتعنترْ
قِفْ
هل من شيخٍ يتلو آياتِ الموتْ
ليث حسين
نيسان 1992
© 2024 - موقع الشعر