هَــكَـــذَا الــدُّنْـــــيَـــا... !!! - سهام آل براهمي

دُنْيَا لَنَا لا تصْفُو ، على كَدَرٍ
مَالَتْ كَحَسْنَاءَ زَيَّنَتْ بَغْيَا

تَمْلِي وِعَاءَ العقولِ فِتُنَتُهَا
تَغْرِي ضِعَافَ القُلُوبِ بالرُّقْيَا

عُنْوَانُهَا المَكْرُ فِي تَلَوُّنِهَا
إِنْ أظْهَرَتْ حُسْنًا أَبْطَنَتْ عَصْيَا

تَزْهُو فَتُغْرِي مَنْ هَامَ يَطْلُبُهَا
حَتَّى إذَا لَفَّتْ أرْهَقَتْ جَرْيَا

تُوهِمُ مَنْ جَاءَ شَرْعَ مِلَّتهَا
بالُقُرْبِ وَصْلاً فَأَوْعَدَ الوَهْيَا

مَنْ حَامَ حَوْلَ الحِمَى يُصَبِّحُهَا
أَمْسَى بِفَقْرٍ ، وَفَرَّقَ الرَعْيَا

فِيهَا انقِلابٌ إِنْ أَطْبَقَتْ غَلَبَتْ
طَبْعُ انْكِدَارٍ إنْ ضَيَّقَتْ سَعْيَا

لا قَصْرَ فِيها عَلَى الدَّوَامِ سَجَا
أَوْ دَامَ مُلْكٌ... كذَلِكَ الدُّنْيَا

سَئِمْتُ مِنْهَا الرُّؤَى تُرَاوِدُنِي
إن أَقْبَلَتْ حُلْمًا أَدَبَرَتْ هَذْيَا

جِئْتُ يَمِينًا دَارَتْ شِمَالَ يَدِي
قُلْتُ: سَلامًا ، لوتْ يَدِي لَوْيَا

قَالتْ أَنَا أَمْرٌ لامْتِحَانِكَ ، سِرْ ...
قُلْتُ اخْتِصَارًا : كَفَى بِكِ النَّسْيَا

إنْ كنْتِ دُرًّا فِي أَرْضِ راحِلتِي
رَوْضُكِ خَلْطٌ جِمَارُهُ الحُمْيَا

بَلْ أَنْتِ غَزْلٌ مِنَ الشُّعَاعِ سَمَا
ثُمَّ اخْتَفَى طَيْفُهُ عَنِ الرُّؤيَا

سَفَّهْتِ أَحْلامًا تَخْتَلِي خَجَلاً
زَيَّنْتِ آَمَالاً فانطَوتْ ثَنيَا

أحْلامُ يَقْظَانَ غَيِرُ كَاسِيَةٍ
بَيْنَ الرُّؤَى كَالضَغْثِ انتَهَتْ عُرْيَا

كَمْ فِيكِ وَلْهَانُ يَبْتَغِي عَرَضًا
مِنْ فَرْطِ شَدْوَاهُ أَتْلَفَ الرَّأْيَا

لَمَّا اطْمَأَنَّ انْطوَتْ مَعَزَّتُهُ
عَادَ ذَلِيلَ الرَّجَاءِ مَا اسْتَحْيَا

قَدْ غَارَ بَعْدَ انْجِذَابِهِ لِهَوًى
يَرْمِي بِطَرْفِ يُغْرِي الرُّؤَى العمْيَا

مَنْ يَرْكَبِ الَّلهْوَ أَوْ تَغَشَّى بِهِ
عَاشَ أَسِيرًا مَا لَمْ يَعِ النَّهْيَا

يَشْقَى بِنَقْضِ العُهُودِ فِي خَبَرٍ
كَانَ كَوَعْدٍ يَفرِي النُّهَى فَرْيَا

مَعْنَاكِ سِرٌّ غَرِيبُهٌ عَجَبٌ
يَبْنِي ظِلالاً أَعْيَتْ منِ اسْتَعْيَا!

قَدْ قِيلَ : عَزْمُ اللَّبِيبِ حِكْمتُهُ
فِي نَظْمِ خَطْوِ ارْتِقَائِهِ مَشْيَا

قَالوا: وَ فِيكِ الأمانُ شَفْرَتُهُ
فقْهٌ لَدَى حُفَّاظِ الهُدَى هَدْيَا

إِذْ غَبَّ فِي وَصْلٍ مِنْكِ مُعْتَزِلٌ
أخْزَى الهَوَى فِي كَفِّ الأذَى خَزْيَا

مالي وللدُّنْيَا وهْيَ بَحْرُ هَوَى
فِي حُضْنِهَا نَامَ مُولعٌ يَعْيَا

أَمْعَنْتُ فِيهَا بَصِيرَتِي فَبِهَا
أَيْقَنْتُ أَنَّ المُنَى ارْتَقَتْ وَحْيَا

غَدًا بفِرْدَوسِهَا تُفَتَّحُ زَهْ
رًا دُونَ شَوْكٍ يُدْمِي خُطَى الحُفْيَا

دُنْيَا بِدَرْبِي وَسِيلَةٌ بِيَدِي
لَيْسَتْ بِقَلْبِي كَغَايَتِي العلْيَا

دَارٌ بطُوبِ التَّقْوَى ، مَسَاكنُهَا
جنَّاتُ عَدْنٍ تُبْنَى مِنَ الدُّنْيَا

جَمِيلةُ النَّبْتِ، سَادَ زَارِعُهَا
مَنْ أَحْسَنَ الزَّرْعَ أَحْسَنَ الجَنْيَا

03 - 05 - 2015

مناسبة القصيدة

عن الدنيا ومفارقاتها الغريبة ,,,,,,,,,,,,,,,, تمت كتابتها إن شاء الله ... 03 – 05 – 2015 ...
© 2024 - موقع الشعر