إعتذار.. ولا عذر - رياض بوحجيلة

لمن يحفرون القبور احتياطا لدى كل جمعة
لمن أوقدوا الروح فيها بليل الظلامة شمعة
لأم شهيد تهدهد قلبا كليما بدمعة
لبنت تمد النداء: أبي.. ثم ترقب رجعه
و يصغي أخوها.. و ليس سوى الصمت يقرع سمعه
لشيخ يطيل الدعاء و يخفي عن الخلق وجعه
يبدّي ابتساما و يكتم آها تقوّم ضلعه
لمن ذكّروا الناس أن المقام على الذل بدعة
و أن حياة الكرامة أصل و فرض و شِرعة
و للياسمين يكفن قتلى و يسكب ضوعه
و يشمخ في الشام يرهب سيف الظلوم و نطعه
 
إليهم جميعا أمد اعتذارا بطول المذلة فينا
و عرض الهوان الذي يحتوينا
أمد اعتذاري و لا عذر إلا التخاذل..
أدري بأنا هنالك لم نخذل الأكرمين
و لكن خذلنا بقايا الرجولة فينا
خذلنا هنالك أحلامنا بالصباح يوضئ كل الجهات
و ينثر فيض الضياء على النائمينا
بشمس تقبل سمر الجباه
و تمسح ما خلفته يد العار عن أوجه لطختها سنينا
خذلنا غد الطفل يكبر لا يعرف العز
إلا أساطير تروى عن الغابرينا..
 
هنالك حيث الحياة كلعبة فيديو و لكنها دون متعة
سريعا تمر و لا شيء فيها سوى الموت يأتي بسرعة
كأن الزمان غفا جمعة أو تبدلت ايامهم ثَمَّ جمعة
يظن المجند أن صار ربا صغيرا يطبق في الناس شرعه
يحدد من ذا يعيش و من ذا يموت و من ذا يؤجل نزعه
يزخ الرصاص كما عابث إذ يبعثر أحجاره فوق رقعة
و يا ويحه ليس يدري بأن الممات هناك حياة ورفعة
و أن الرصاص و إن فرق الجمع أو دك بيتا و حيا و قلعة
فليس يدك قلاع المحبة تشمخ في كل قلب و بقعة
و لكن يروي بذور التحرر فيهم فينبت في الشام زرعه
 
و حين يمرون في البال ذكرى جميلة
أنكس قلبي حياء برغم اشتياقي و ألزم صمتي
لأني أخجل أن أستفز القوافي كي أسرق الضوء منهم
ببعض كلام أزخرفه حين تخذلني كل حيلة
و أخجل من أن أشوه طهر الدماء بسود الحروف..
و أخجل من حمزة الطفل يكشف عوراتنا للمرايا
فنسبل عهر الكلام و نرثي الصبا و الطفولة..
و أخجل من بسمة فوق ثغر الشهيد تذكرني بالذي لست أنسى..
تطمئنني أن أهلي بخير..
و تهمس: يا متعب الروح
إن الحذاء هناك لأشرف من عيشة القهر بين الجموع الذليلة
© 2024 - موقع الشعر