أحزان الشتاء - اسماعيل بريك

سَقَطَتْ وُرَيْقَاتُ العنبْ
صَرْعَى بأحضانِ اللَّهَبْ
ذَبُلَتْ غصون البرتقالْ
شاخت فأثمرتِ العطبْ
ماتت ورودْ ... عقمت ولود
 
حملت عقيم وَلَمْ تَهَبْ
سَقَطَتْ وُرَيْقَاتُ العنبْ
 
وعلى الرُّبى زيتونة مَصْلوبةْ
خدش الصقيع حياءها
وانهال يرمى للجذوع كروبهْ
والشمس يحجبها السحاب سجينةً
والبدر لبَّى بالرَّضا مكتوبهْ
والحزن يصرخ فى أنيِن السَّاقيهْ
دَمْعُ الثكالى فى أتون الطاغيةْ
نارٌ توجَّجُ وَسْطَ بركان الغضبْ
 
ونحيب بالكية تَلَطَّخُ وجهها
عند التراب تبوس أعتاب القَدَمْ
ترجو الطعام لطفلها فى مَهْدِهِ
وضمير أصحاب الملايين انعدمْ
رَقَّ الفؤاد لحالها واَحسرتا
كيف الحياة لمثلها تلد العدمْ
 
فقدت معانيها الحكَمْ
نُصبتَْ محاكمُ للِْقًيمْ
جَزَّارُ أمس قد اَحتكمْ
باع الرُّعَاةَ لَهُ الغنمْ
بئسُ الرُّعَاةَ وبئس أصحاب التُّخمْ
حُلْمُ الجياع .. وَلَّى وضاعْ
عند الضِّباعْ .. لم يُسْتجبْ
وَلَّى خريفْ .. وأتى خريفْ
فيه الرغيفْ .. زَادُ الضعيفْ
شَبَحٌ مخيفْ .. مَنْ يشتريهْ
َيلْقَ العجبْ
لَحْمُ البعيرْ .. أملُ الفقيرْ
وَلَّى وزالْ .. شدَّ الرحالْ
مثل الذهبْ
جاء الشتاءْ .. قَتَلَ الضِّياءْ
حَمَلَ الفناءْ .. شَقَّ الحُجُبْ
فيهِ الغيومْ .. حُبْلى همومْ
أَنَّى ترومْ .. تلقى كُرَبْ
عند الصباحْ .. هُوجُ الرياحْ
زَادَتْ صياحْ .. عَاَدْت نواحْ
تدمى جراحْ .. مَنْ ينتخبْ
يشكو الصقيعْ .. قلبٌ وجيعْ
طفلٌ رضيعْ .. مهَجٌ تضيعْ
بدرٌ ذَهَبْ
سَقَطَتْ وُرَيْقَاتُ العنَبْ
© 2024 - موقع الشعر