عَفَا النّسْرَانِ بَعـدَكَ وَالوَحيـدُ - جرير

عَفَا النّسْرَانِ بَعدَكَ وَالوَحيدُ وَلا يَبْقى َ لجِدّتِهِ جَدِيدُ
و حييتُ الديارُ بصلبِ رهبيَ و قدْ كادتْ معارفها تبيدُ
ألمْ يَكُ في ثَلاثِ سِنينَ هَجْرٌ ، فقد طالَ التجنبُ والصدودُ
لعزَّ على َّ ما جهلوا وقالوا أفي تَسْلِيمَة ٍ وَجَبَ الوَعِيدُ
وَلمْ يَكُ لَوْ رَجَعْتَ لَنَا سَلاماً مَقالٌ في السّلامِ وَلا حُدودُ
أمِنْ خَوْفٍ تُراقَبُ مَنْ يَلِينَا كأنكَ ضامنٌ بدمٍ طريد
تَصَيّدْنَ القُلُوبَ بِنَبْلِ جِنٍّ و نرمي بعضهنَّ فلا نصيدُ
بأودٍ والأيادِ لنا صديقٌ نأى عنكَ الأيادُ وأينُ أودُ
نظرنا ناَ جعدة َ هلْ نراها أبُعْدَ غَالَ ضَوْءكِ أمْ هُمِودُ
لحبَّ الوافدانِ إلى َّ موسى و جعدة ُ لوْ أضاءهما الوقود
تَعَرّضَتِ الهُمُومُ لَنَا فَقَالَتْ جُعَادَة ُ: أيّ مُرتْحَلٍ تُريدُ
فقلتُ لها الخليفة ُ غيرَ شكٍ هُوَ المَهْديّ، وَالحَكَمُ الرّشيدُ
قَطَعْنَ الدّوّ والأدَمَى إلَيكُمْ وَمَطْلَبُكُمْ مِنَ الأدمى َ بَعيدُ
نظرتُ منَ الرصافة ِ أينَ حجرٌ ورَمْلٌ بَيْنَ أهْلِهِمَا وَبيدُ
بها الثيرانُ تحسبُ حينَ تضحى مَرَازِبَة ً لَهَا بِهَرَاة عِيدُ
يَكُونُ بحَمْلِهِ طَلْعٌ نَضِيدُ عِصيّ الضّالِ يَخبِطُهُ الجَلِيدُ
وَقَدْ لَحِقَ الثّمَائِلُ بَعدَ بُدْنٍ وَقَدْ أفنى عَرَائِكَها الوُخُودُ
نُقِيمُ لهَا النّهارَ، إذا ادّلَجْنَا، وَنَسْري وَالقَطَا خُرُدٌ هُجُودُ
وَكمْ كُلّفُنَ دونَكَ من سُهوبٍ تَكِلّ بهِ المُوَاشِكة ُ الوَخُودُ
إذا بَلَغُوا المَنازِلَ لم تُقَيَّدْ ، وَفي طُولِ الكَلالِ لهَا قُيُودُ
وَأعْلَمُ أنّ إذْنَكُمُ نَجَاحٌ، وَأنّي إنْ بَلَغْتُكُمُ سَعِيدُ
و تبدأُ منكم نعمٌ علينا و إنْ عدنا فمنعمكم معيدُ
تزيدونَ الحياة َ إلى حبا و ذكرٌ منْ حبائكمُ حميدُ
لَوَ أنّ الله فضّلَ سَعْيَ قَوْمٍ ، صفتْ لكمُ الخلافة ُ والعهود
عَلى مَهَلٍ تَمَكّنَ في قُرَيْشٍ لكمْ عظمُ الدسائعِ والرفودِ
هشامُ الملك والحكمُ المصفى َّ يطيبُ إذا نزلتَ بهِ الصعيد
يَعُمّ عَلى البَرِيّة ِ مِنْكَ فَضْلٌ و تطرقُ منْ مخافتكَ الأسودُ
و إنْ أهلُ الضلالة ِ خالفوكمْ أصَابَهُمُ كَمَا لَقِيَتْ ثَمُودُ
وَأمّا مَنْ أطاعَكُمُ فيَرْضَى ، وَذُو الأضْغانِ يَخضَعُ مُسْتَقِيدُ
وَتَأخُدُ بالوَثيقَة َ ثُمّ تَمْضِي إذا ازدحمتْ لدى الحربُ الجنودِ
لكمْ عندي مشايعة ٌ وشكرٌ إلى مدحٍ يراحُ لهُ النشيد
بَني مَرْوَانُ بَيْتَكَ في المَعَالي وَعَائِشَة ُ المُبَارَكَة ُ الوَلُودُ
و أورثكَ المكارمَ في قريشٍ هشامٌ والمغيرة ُ والوليد
وَفي آلِ المُغِيرَة ِ كانَ قِدْماً ، و في الأعياصِ مكرمة ٌ وجودُ
وَمِنْ ذُبْيانَ تَمّ لَكُمْ بِنَاء عَلى عَلْياء ذُو شَرَفٍ مَشِيدُ
وَإن حلَبَتْ سَوَابِقُ كُلّ حَيٍّ سبقتَ وأنتُ ذو الخصلِ المعيدِ
فَزَادَ الله مُلكَكُمُ تمَاماً، مِنَ الله الكَرَامَة ُ وَالمَزِيدُ
فيابنَ الأكرمينَ إذا نسبتمْ و في الأثرينَ إنْ حسبَ العديدُ
شققتَ منْ الفراتِ مباركاتٍ جَوَارِيَ قَدْ بَلَغْنَ كَمَا تُرِيدُ
وَسُخّرَتِ الجِبَالُ وَكُنّ خُرْساً يُقَطَّعُ في مَنَاكِبِهَا الحَدِيدُ
بلغتَ من الهنئِ فقلتَ شكراً هناكَ وسهلَ الجبلُ الصلودُ
بها الزيتونُ في غللٍ ومالتْ عَنَاقِيدُ الكُرُومِ فهُنّ سُودُ
 
فَقالَ الحاسِدونَ: هيَ الخُلُودُ
يَعَضّونَ الأنامِلَ إنْ رَأوْهَا بساتيناً يؤازرها الحصيدُ
و منْ أزواجِ فاكهة ٍ ونخلٍ يكونُ بحملهِ طلعٌ لضيدُ
تَهَنّأ للخَلِيفَة َ كُلُّ نَصْرٍ وَعافِيَة ٍ، يَجيء بها البَريدُ
رضينا أنَّ سيبكَ ذو فضولٍ و أنكَ عنْ محارمنا تذودُ
و أنكمُ الحماة ُ بكلَّ ثغرٍ إذا ابتلتْ منَ العرقِ اللبودُ
© 2024 - موقع الشعر