سِرتُ في الوادي وَقَد جاءَ الصّباح - جبران خليل جبران

سِرتُ في الوادي وَقَد جاءَ الصّباح
مُعلِناً سِرَّ وُجُودٍ لا يَزُول

فَإِذا ساقِيَةٌ بَينَ البِطاح
تَتَغَنّى وَتُنادي وَتَقول

ما الحَياةُ بِالهَناء
إِنَّما العَيشُ نُزُوعٌ وَمَرام

ما المَمات بِالغِناء
إِنَّما المَوتُ قُنوطٌ وَسقام

ما الحَكيمُ بِالكَلام
بَل بِسِرٍّ يَنطَوي تَحتَ الكلام

ما العَظيمُ بِالمَقام
إِنَّما المَجدُ لِمَن يَأبى المُقام

ما النَّبيلُ بِالجُدود
كَم نَبيلٍ كانَ مِن قَتلى الجُدود

ما الذّليلُ بِالقُيود
قَد يَكونُ القَيد أَسنى مِن عُقود

ما النَّعيمُ بِالثَّواب
إِنَّما الجَنَةُ بِالقَلبِ السّليم

ما الجَحيمُ بِالعَذاب
إِنَّما القَلبُ الخَلي كلّ الجَحيم

ما العقارُ بِالنُّضار
كَم شَريدٍ كانَ أَغنى الأَغنِياء

ما الفَقير بِالحَقِير
ثَروَةُ الدُّنيا رَغيفٌ وَرِداء

ما الجَمالُ بِالوُجود
إِنَّما الحُسنُ شُعاعٌ لِلقُلوب

ما الكَمالُ لِلنَّزيهِ
رُبّ فَضل كانَ في بَعض الذُّنوب

هَذا ما قالَتهُ تِلكَ السّاقِيه
لِصُخورٍ عَن يَمِينٍ وَيَسار

رُبّ ما قالَتهُ تِلكَ الساقِيَه
كانَ مِن أَسرار هاتيكَ البِحار

© 2024 - موقع الشعر