كان وصار - خالد القصيّري

قَنَبْ ذِيب الحنين بصدري البارح وأنا تعبان
وسِقْتْ حمُول صبري للمساء والحال مَبريّة

يِهبّ البَردْ بغصون الخفوق الذاوي الذبلان
وأعزفْ الصمت والصبر إيهَوِي والرّيح عكسيّة

أحثّ إخطَاي والعبرات تلفحْ محجر الأعيان
على ذِكرى الهوى وأغلى المواعيد الغراميّة

وحيد وما معي غير الجروح ودمعة الخذلان
أشيل الجرح في قلبي وأشيل الموت بيديّه

أسامر خطوتي والوقت يُوقَفْ والسماء ربّان
ومالت للغروب الشمس والأجواء ضبابية

وِقفتْ أبكي على أطلال الغرام وغربة الخلّان
وأنا جرح ووفاء والنّفس مأمورة ومنهيّة

على ذاك المكان اللي فَرَق عن باقي الأوطان
ما غيره ساكنْ بروحي ولا مرّ النّظر زيّه

على أركانه حمام القلب غنّا بأعذب الألحان
ومالَ الغصنِ وأبكاني نسيم الشوق عصريّة

هنا كان أول أيام الغلا والحب والتحنان
هنا العشق وهنا الحلم وهنا الضحكة خياليّة

هنا بسمة خفوق وغيمة أفراح ودفاء وأحضان
هنا سِحرَ الوَلَه واللّهفة ومعنى الرومانسيّة

هنا سالّ الكلام وسَلْطنْ الحرفْ ورقصْ ولهان
هنا كان الجُنوُن ولذّة الحبّ الحقيقيّة

هنا غارَ القمر يا مُترفَة من جسمك الفتّان
هنا ذابت شموع الشوق بصدور الهواويّة

هنا لمسة يدينك بلسم وصوتك دفاء وأشجان
هنا بسمة شفاهك عطرِ والهمسات سحريّة

هنا كان الفرح لقلوبنا وحروفنا عنوان
وهنا عِشنا الحياة بكل طُهر وكل عفويّة

هنا كنّا نغنّي للمطر وإحساسنا طربان
هنا أول وآخر أيام اللقاءات الحميميّة

ولكن كل هذا من حكاية كان يا ما كان
تغيّر كل شيء وزال والأقدار حتميّة

ألا يا ويل حالي كل ما نُور الحقيقة بان
وأنا ما زلت آموت بغيبته وأحيَا لطاريّه

تقابلنا بلا موعد محدّد والنّظر برهان
على صدفة مشاعر مُرهَفة ما هي بعاديّة

ولكن النّصيب القاسي أقوى والزمن خوّان
خذلنا الوقت والحظ الردي واحنا على النيّة

رَحلتْ وطاح قلبي في يِدَين الهمّ والحرمان
وأنا ما عادت أعصابي على أيّامي شمالية

فِقدتْ الضحك بغيابك وضِعتْ بعالم النسيان
تنّفست الضياع ونار هجرك بالحشاء حيّة

طلبت الله يلهمني بَعدكْ الصبر والسلوان
ولكن ما حصل يا قلبْ لا هذي ولا ذيّه

عطش يجتاح صدري والشعر ما يُروي العطشان
وأنا شاعر يحبّ الفوضويّة والمزاجيّة

أعزفْ الحرف وأصبّ المعاني وأبدِع القيفان
وأحلّقْ في سَماء الإبداع وأفكاري جنونيّة

نقشت حروفي بروعة وصوفك والحياة ألوان
ولجلك مستحيل تعاند أوزاني قوافيّة

حبيبي مصدر الأفراح وأيضآ مصدر الأحزان
بَعدكْ الضيق بيت القلب وعيوني شقاويّة

عزفني جرحي النازف على أوتار التعب بإتقان
وخلّتني مواييِل العذاب آلة موسيقيّة

حبيبي وأدري إنّك في حياتك ضائع وحيران
ولو حاولت تُخفي دمعتك ما هي بمخفيّة

طلبتك لملم أحزانك وكفكف دمعك الهتّان
ولا يقتل صِبَا أيامك سراب أحلام ورديّة

وأنا ببقى على ذكرى محبتنا بقايا إنسان
يا لين أودّع الدنيا وتكتب في مرثيّة

© 2024 - موقع الشعر