ملهمة الطوفان (تفعيلة) - لفى الهفتاء

مع فنجان قهوةٍ صباحيّةٍ أرتشفها وأقول:
 
 
 
(1)
 
سَلمَى
 
كنتِ أحقَّ امْرَأةٍ بالطوفان
 
بينَ خيالٍ روحَانيٍّ إثْرَ طقوسٍ روْحَانِيّة
 
أوَّلُكِ قطْعَةُ شعْرٍ لكنْ آخرُكِ ألفيّة
 
تَخْتَصِرينَ أساطيرَ الماضي
 
عنْ حبِّ ابنِ السلطانِ لجَاريَةٍ لأبيهِ السلطان
 
كمْ كنتِ آيةَ إبداعٍ رُبَّانيِّة
 
لمْ أقرأْ مثلَكِ حينَ قرأتُ جميعَ نسَاءِ الأرضِ
 
في لغةِ العيْنِ بلْ في لغةِ الوجْدَان
 
لا في لغةِ الفنجَان
 
أنتِ أخذْتِ كلَّ خصَالِ الحُسْنِ
 
وبقيتِ الأولى مُلهِمَةَ الشُّعَرَاءِ الأولى
 
بلْ مُلهِمَةَ الطوفان
 
 
 
(2)
 
منكِ تعودُ لنا (فينوسُ)
 
وتنطقُ منكِ (الموناليزا) لوحةُ (دا فينشي)
 
يا مَنْ أعْنِيكِ بكلِّ اسْمٍ عَرَبيٍّ
 
ويليقُ بكِ سَلمَى
 
أوّاهُ كمْ تقتُ لكِ ولأيامٍ معَكِ أوّاهُ
 
وقصائدِكِ الشعريّة
 
وخواطرِكِ النثريّة
 
وقرائتِكِ لكتابٍ في الركنِ الهادي
 
وطقوسِكِ بينَ أغاني فيْرُوزَ وقهوتِكِ التركيّة
 
أوّاهُ كمْ تقتُ لكِ ولأيامٍ معَكِ أوّاهُ
 
وتمرُّدِكِ التلقائي
 
وبرائتِكِ العفويّة
 
حينَ قلتِ: أنتَ الفارسُ مَنْ تأتي بحصانٍ أبيض
 
وتحمِلُني من تحتِ المطرِ وتوصِلُني لحدودٍ أخرى
 
فاقتْ أفقَ الكرةِ الأرضيّة
 
قلتُ: مهلاً ما هذا؟!
 
قلتِ: لا أدري؟!
 
لكنْ هيَ أحْلامٌ وَرْدِيّة
 
 
 
(3)
 
أُعَاهِدُكِ أنْ تبقي أقربَ لي مِنّي
 
وغيركِ تبقى أبعدَ عنّي حسبةَ عامٍ ضوئي
 
سأعشَقكِ جَسَدَاً روحَاً فِكراً
 
سأعشَقكِ سِرَّاً سأعشَقكِ جَهْراً
 
فأنتِ بَريقُ اللؤلؤِ والمُرْجَان
 
وصفاءُ السّنْدُسِ والكتَّان
 
وأريجُ الزِّنْبَقِ والرَّيْحَان
 
أنتِ ملحمةٌ في هذا العَصْرِ من ذاكَ العَصْرِ
 
يتعلَّمُ منكِ الأميِّوُنَ
 
ويسْمُو معَكِ الأرضيِّوُنَ
 
ويكتشفُ التاريخُ إليكِ مدينةَ أفلاطونَ
 
سأعشَقكِ صَحْواً سأعشَقكِ سُكْراً
 
يا أوَّلَ أنثى في تاريخي
 
سأعشَقُكِ شعْراً سأعشَقُكِ نثْراً
 
يا آخرَ أنثى في تاريخي
 
 
 
(4)
 
كمْ كنتُ أمْيَّاً في الماضي
 
لا أعرفُ في العَرَبيَّةِ إلا بعضَ الكلِمَات
 
وتعَلَّمتُ الآنَ الفصْحَى
 
حتى ضَبْطَ الإعْرَابِ وَوَضْعَ الحَرَكات
 
وتثقَّفْتُ في (الأدَبِ العَرَبيّ)
 
من عصرِ (الأعْشَى) لعصرِ (السَّيَّاب)
 
وتثَقَّفْتُ في (الأدَبِ اليُوناني) وفي (الأدَبِ الرُّومَاني)
 
فقرأتُ (لهوميروس)
 
ملحمةَ (الإلياذةِ والأوديسة)
 
وقرأتُ عن الآثارِ
 
في بابلَ واليمَنِ بلْ في كلِّ الأقطارِ
 
وقرأتُ بكلِّ (أساطيرِ الأغْريقِ)
 
وقرأتُ عن (الرِّخِّ الأسْطوْرةِ والفِيْنِيقِ)
 
ودخلتُ ميادينَ الأمَمِ الأوْلى
 
وقرأتُ نعَمْ (بالتاريخِ)
 
عن تأْسِيسِ (الأنْدَلُسِ) في (العَهْدِ الأمَوَي)
 
حتّى تولّاها الإسبانُ على يدِ (فِرْنَانْدُو الثاني)
 
وعن (بغدادَ) حينَ أتاها يوماً (هُولاكُو)
 
وعن (مصرَ وفرَاعِنَةِ العَهْدِ الخالي)(كرَمْسِيسَ وَحَتْشَبْسُوت)
 
 
 
(5)
 
كمْ أنتِ مُلهِمَةٌ
 
زيدينِي إلهَاماً زيدينِي
 
وأزيدُكِ إبداعاً في الشعْرِ وفي النثْرِ
 
حينَ أعانِقُكِ طيْرَاً
 
وأرَاكِ بارِعَةَ الطيَرَان
 
حينَ أقابلُكِ قلبْاً
 
وأرَاكِ بارِعَةَ الخَفَقَان
 
ما أحْلاكِ ما أحْلاكِ
 
إنْ غابَ العقلُ خلالَ الهذَيَان
 
يا عَبَقَ الفلِّ ولحْنَ الكرَوَان
 
يا مَنْ نأيُكِ يقْتُلُني لكنْ وَصْلُكِ يُحْييني
 
أشعرُ بالبَرْدِ فهيّا غطّيني
 
أشعرُ بالخوفِ فهيّا ضمّيني
 
سأسْكِنُ داخلَكِ مَا دُمتِ وطَنَي بلْ أوْطَاني
 
فمَنْ ينْفِيني؟!
 
 
 
(6)
 
سأحُبُّكِ جِدَّاً جِدَّاً
 
وأكونُ لكِ قيساً يا سَلمَى فكوني لقيسٍ ليْلى
 
هاتي يديْكِ لنُحَلِّقَ فوقَ الأرضِ
 
ونصنعَ من بعضِ السُّحبِ أكاليلاً
 
ونوقدَ من عينِ الشمسِ قناديلاً
 
ونكتبَ من بعضِ النجْمَاتِ عِبَارةَ حبٍّ رُّباني
 
هذهِ سَلمَى بلْ سَلمَايَ
 
قصيدةُ شعْرٍ وجْداني
 
بخيالٍ روْحَاني
 
ليقرأَها كلُّ خليٍّ وشجيٍّ في الدنيا
 
وأنتِ قولي هذا لفايَ الطوفاني
© 2024 - موقع الشعر