رَكَضُوا الجِيَادَ إلى الجِلادِ صَباحَا، - ابن خفاجة

رَكَضُوا الجِيَادَ إلى الجِلادِ صَباحَا،
و ستشعروا النصرَ العزيزَ سلاحا

واستَقبَلُوا أُفُقَ الشَّمالِ بجَحفَلٍ
نَشَرَ القَتامَ، على الشّمالِ، جَناحَا

قد ماسَ في أرجالهِ شجرُ القنا
وجَرَى بهِ ماءُ الحَديدِ، فَساحَا

مَطَرَ الأعاجِمَ منهُ عَارِضُ سَطوَة ٍ،
بَرَقَ الحَديدُ بجانِبَيهِ، فَلاحا

حتى إذا قضمَ المهنّدُ نبوة
واندقّ صدرُ السمهريّ فطاحا

وتَخَايَلَتْ بِهِمِ الجِيادُ، كأنّما
بسطتهمُ فوقَ البطاحِ بطاحا

قتلى بحيثُ ارفضّ دمعُ المزنِ لا
رحمى فأسعدهُ الحمامُ فناحا

قد تُرّبَتْ منهم صَحائِفُ أوجُهٍ،
جَعَلَتْ تُمزّقُها السّيوفُ جِراحا

فلَوِ اطّلَعتَ لَما اطّلَعتَ على سِوَى
سهمٍ تشلّمَ في قتيلٍ طاحا

فحمتْ حريمَ المسلمينَ مصارعٌ
تَركَتْ حَريمَ المُشرِكينَ مُباحَا

مُسوَّدَّ ساحاتِ المَنازِلِ وَحشَة ً،
مملوءَ أفنية ِ الديار نياحا

تأتي صقورٌ منهمُ منقضة ٌ
قدراً على مهجِ العدوّ متاحا

مَلأوا ضُلُوعَ اللّيلِ زُرْقَ أسِنّة ٍ،
سَالَتْ على أعطافِهِ أوضاحَا

شربتْ معاطفَ كلِّ طرفٍ راحا
من كلّ منصورِ اللّواءِ اذا سرى

مثُلتْ له عقبى السرى فارتاحا
فانصاع يضحكُ وجههُ عن غرّة ٍ

سالَتْ، ويَلعَبُ في العِنانِ مِرَاحَا
يسري بأبلحَ ما ادلهمتْ روعة

إلاّ تلألأ وجههُ مصباحا
وأقامَ فَوقَهُمُ العَجاجَة َ كِلّة ً،

و أدارَ بينهمُ الردى أقداحا
أيسارُ حربٍ كلما اشتجرَ القنا

لم يُعمِلُوا، إلاّ الرّماحَ، قِداحَا
طالوا العواليَ بسطة ً فكأنما

رَكَزَتْ يَدُ الهَيجا بهم أرماحَا
من كلّ هَضبَة ِ سُؤدَدٍ، هزّ النّدى

أعطافهُ طرباً فسالَ سماحا
أدمَى اللّقاءُ، مِنَ القَنا، ظفراً له

ذرباً ومدّ منَ اللواءِ جناحا
فانجابَ لَيلُ الخَطبِ عن أُفقِ الهُدى ،

و تطلعَ الفتحُ المبينُ صباحا
© 2024 - موقع الشعر