قلب غير مهتضم - الخنساء

يا عين فيضي بدمع منك مغزار
وابكي لصخر بدمع منك مدرار

إني أرقت فبت الليل ساهرة
كأنما كحلت عيني بعوار

أرعى النجوم وما كلفت رعيتها
وتارة أتغشى فضل أطماري

وقد سمعت فلم أبهج به خبرا
مخبرا قام ينمي رجع أخبار

قال: ابن أمك ثاو بالضريح وقد
سووا عليه بألواح وأحجار

فاذهب فلا يبعدنك الله من رجل
مناع ضيم وطلاب بأوتار

قد كنت تحمل قلبا غير مهتضم
مركبا في نصاب غير خوار

مثل السنان تقضي الليل صورته
جلد المريرة حر وابن أحرار

أبكي فتى الحي نالته منيته
وكل نفس إلى وقت ومقدار

وسوف أبكيك ما ناحت مطوقة
وما أضاءت نجوم الليل للساري

ولا أسالم قوما كنت حربهم
حتى تعود بياضا جؤنة القار

أبلغ سليما وعوفا إن لقيتم
عميمة من نداء غير إسرار

أعني الذين إليهم كان منزله
هل تعرفون ذمام الضيف والجار؟

لو منكم كان فينا لم ينل أبدا
حتى تلاقي أمور ذات آثار

كأن ابن عمتكم حقا وضيفكم فيكم فلم تدفعوا عنه بإخفار
شدوا المآزر حتى يستدف لكم

وشمروا إنها أيام تشمار
وابكوا فتى البأس وافته منيته

في كل نائبة نابت وأقدار
لا نوم حتى تقودوا الخيل عابسة

ينبذن طرحا بمهرات وأمهار
أو تحفروا حفرة فالموت كتنع

عند البيوت حصينا وابن سيار
أو ترحضوا عنكم عارا تجللكم

رحض العوارك حيضا عند أطهار
© 2024 - موقع الشعر