إمضِ فداك العمر - سعيد الحمالي

إمضِ ولو كان الفراق هلاكي
لست الأخير ولست أول باكي

إمضِ وصمتي لو فقهتي نائحٌ
والصمت أبلغ من نحيب الشاكي

إمضِ ودمي لاهبٌ متأجج
من يطفئ الشوق العظيم سواكِ

لكن قلبك ماردٌ متجبرٌ
صلفٌ علينا للدما سفاكِ

فلطالما أسقيتني كأس الجفاء
ولطالما أحرمتني لاماكِ

وأنا أسير علي دروبك حالماً
أشدو بلحنٍ طالما أغراكِ

فلقد ملأت الأرض شعراً ملهماً
ودرى بشعري ساكنوا الأفلاكِ

لولاكِ ماهزّ القريض جوانحي
جزعاً لرؤية طرفك الفتاكِ

لولاكِ ما أسبلت دمعي من أسى
والقلب طيرٌ واقعٌ بشباكِ

لولاكِ ماذاب الفؤاد صبابة
وسعير شوقي برده بهواكِ

لولاكِ ما فكرت ماذا في غدي
ولعشت يومي حائراً لولاكِ

يا كل عمري ما خشيت من الردي
فالموت راحة كل قلب زاكي

لكن خوفي أن أعيش مشرداً
سكني القفار فقد حرمت جناكِ

من غير ذنبٍ تقطعي مني الرجا
والله يعلم كم طلبت رضاكِ

لرضاك أمشي لا أمل الدرب لو
سرتُ علي الأحجار والأشواكِ

إني فتيً ثبت الجنان محنكٌ
لكن قلبي لا يطيق بُكاكِ

وأنا الخبير وعقلي المتوقد
ووقعت جهلاً طائعاً بهواكِ

أمّا وقد قطّعت كل وشيجة
فأنا المفارق قد تركت حماكِ

فاليوم نوحي وأندبي حبي ولا
تلوميني ولومي عاذلاً أغراكي

أمّا أنا فأراكِ في الكون البهي
في الشمس في الغيم الظليل أراكِ

وأراكِ في ريم الفلا إن عنَ لي
والشمس وجهك باسماً ضحاكِ

وأراك نجماً عالياً متوهجاً
فالنجم عينك والسماء سماكِ

أصغي لهمسك كلما هبت صبا
وكأنها ألحان موسيقاكِ

وأفز من نومي ووجهي مشرقٌ
لأضم طيفكِ أو لألثم فاكِ

لم يثني عزمي مايكيد لي العدا
لم يثنه يوماً سوى عيناكِ

إن ينس عزرائيل منا واحداً
فلربما يوماً أنا أنساكِ

إمضِ فإني عائشٌ رغم البلى
سأعيش باقي العمر في ذكراكِ

إمضِ فدتك من النساء كواعبٌ
وبنات حوا كلهن فداكِ

إمضِ فداك العمر ياعمري أنا
فلربما يوم النشور لقاكِ

نشرت بتاريخ 02-04-2005
© 2024 - موقع الشعر