ليس للمساء إخوة -2 - مرحلة أولى - وديع سعادة

(1973 – 1980)
 
مرحلة أولى
 
***
 
كيف يكون هذا الشوق
 
كضفدعٍ خارجَ بحيرته؟
 
كيف هذا النهارُ رمادٌ في السماء؟
 
وهذه العاصفة في الرأس كيف لا تحرّك غصنًا؟
 
I
 
ما فائدةُ الوثوب إلى الغابات
 
وإطعام الغزالة النحيلة
 
حين تسقط عصافيرُ الدهشة
 
كخشبةٍ من بناية قديمة؟
 
أنا النموُّ الاسودُ تحت الأبراج
 
والحيواناتُ الكونيّة ترعاني
 
لستُ الصبيُّ الذي يدخل
 
برجَ العائلةِ في المساء
 
أبحثُ عن نجمةٍ أقرأ تحتها حياتي
 
أرتقي سلّمَ الضوء
 
أهبُ ورقةَ نقدي الأخيرة
 
لليد المعروقة
 
فوق جسر القلب.
 
II
 
هؤلاء الّذين يتوقون العودة
 
وليس لهم قطار
 
ولا نجمة
 
ولا حتّى صرصار في طريقهم يغنّي،
 
الّذين كّرتْ كنزةُ أحلامهم
 
ولحياتِهم صوتُ ارتطامِ المرآة على الحجر،
 
مرّات كثيرة سيعرفون موتَ المسافات
 
ويكتشفون العالم
 
بلا طريق.
 
III
 
تغرقُ في بئرِ المحبّة اليابسة
 
سكران
 
ماذا تقول للمارّة كي تخطفَ مرفأ؟
 
شربتَ نهاركَ دفعةً واحدة
 
رقصنا في الساحة ولم تقدّم نشوتك
 
رفعْنا مياهَنا إلى حدودها
 
وأنتَ تفكّر في صحراء يدك
 
بعْها
 
قلنا لكَ بعْها وارفعْ وجهكَ لا رايةََ الحرّية
 
قلْ هذه شجرتي
 
وأنا أرغب في عريها
 
لكنّك حرّكتَ إبرةَ الألم
 
وأعدْتَ حياكةَ يأسنا جميعًا.
 
IV
 
الرغبة نقاءٌ مالح
 
مرايا عاريةُ الظهر
 
عشبةُ التجاويف
 
قريةُ ميّتة في فمي.
 
V
 
تقول القابلة القرويّة:
 
وُلدتَ في زاوية البيت
 
بين قمر النعاس والعيون المطفأة
 
كانت الأزهار صغيرة
 
الطريقُ عجوزًا
 
وشجرةُ الرحمة تهتزُّ في النهر
 
حيث الغصون والعصافير
 
ترى نفسَها مكسورة.
 
VI
 
العشقُ مَرَّةً أسقط الملاك
 
في وجهي
 
حمل أصابعه وخرج
 
إلى الموت
 
يربط عنقَه بوردة
 
وخرج من العمر حصان
 
أنهى سباق الرغبة.
 
VII
 
جلس المنظّرون والعشّاق والسكارى والأموات
 
يحيون ذكرى الأرض القديمة
 
هيكلُهم على كلس الجدار
 
حطامهم على المفارق
 
ينتظرون زهرة الخدر
 
من حجارة العيون.
 
VIII
 
نقّبوا عن ظلال رؤوسكم
 
وتفيّأوا
 
الزمن جفّف القلوب
 
ولا بئر غير عيوننا
 
ندفن فيها وجوهَ من نُحبّ.
 
IX
 
أيُّ زمن سيأتي
 
بقميص أبيض؟
 
أيّ درب ستأتي
 
ونلعب مع الأطفال؟
 
أيّ خروف
 
نطعمه أيدينا؟
 
أيّ حلم
 
وكلّنا على قارعة الطريق
 
نلملم انهيار الوجوه.
 
X
 
يصعدُ الليل إلى الحلم
 
ونحن نرسم غصنَ الشوق
 
يصعد النوم إلى الثمر
 
ونحن نوقظ زهر النشوة.
 
هكذا بخطوةٍ أولى
 
يُستنزف الحُبّ
 
وأصابعه الحمراء تلوّح
 
ولا ترى القتلى.
 
XI
 
ماذا على الّذين مثلي أن يفعلوا
 
وأصغرُ فراشة
 
هي أكثرُ دهشة؟
 
الدائرةُ نفسها
 
المشهد، النافذة، الوجه.
 
سأخرج فارغًا
 
حتى من قميص قلبي
 
وبرصاصةٍ وحيدة أطلُّ على الصمت
 
هذا الهدف المتراقص أبدًا.
 
XII
 
هناك مشروعُ قصيدة
 
ضفّة
 
أفرشُ عليها السمكَ الواجف في رأسي.
 
اذهبي
 
يا امرأة سوداء على بابي يا مراكب
 
اذهبي
 
أحلامي كافية لأغلق هذا الباب
 
وأنام
 
مياهي كافية
 
لأغرق.
 
XIII
 
يجب أن يكون هناك طريقٌ آخر
 
إلى الغابة
 
الوترُ المشدود بين عينيَّ والأشجار
 
على وشك الانقصاف.
 
أيّتها الكلمات يا غابتي
 
يا شجرتي اليابسة في فمي
 
على طول الطريق سواقٍ وأزهار
 
حجارةٌ لمن تعبوا
 
شمسٌ للنهار قمرٌ للّيل
 
وليس على حروفك عصفورٌ يسلّي.
 
يجب أن يكون هناك طريقٌ آخر
 
الأصواتُ أقفاص.
 
IVX
 
أودُّ أن أعلّق قلبي على جبيني
 
كما تعلّق الأمُ اسمَ طفلها على مريوله
 
أودُّ أن أكتب رغبتي على الثلج
 
وعلى رمل البحر محبّتي.
 
في العيون في العيون
 
الشمسُ تثلج.
© 2024 - موقع الشعر